عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله
عنهما قالت:
تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال
ولا مملوك ولا شيء غير ناضح (١)
وغير فرسه
فكنت [أكفيه مؤنته(٢)
وأسوسه (٣) وأدق النوى لناضحه](١)
وأعلف فرسه واستقي الماء وأخرز غـَرْبـَه(٤)
وأعجن ولم أكن أحسن أخبزه، وكان يخبز
جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق
وكنت أنقل النوى من أرض الزبير
- التي أقـْـطـَعَـه (5)
رسول الله صلى الله عليه وسلم -
على رأسي وهي منـِّي على ثلث فرسخ (٦)
فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم
ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال:
إخ إخ (٧)
ليجعلني خلفه
فاستحييت أن أسير مع الرجال
وذكرت
الزبير وغيرته وكان أغير الناس
فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني
قد استحييت فمضى
فجئت الزبير فقلت:
لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه
فأناخ الركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك،
فقال:
والله لحملك النوى كان أشد عليّ من ركوبك
معه
قالت:
حتى أرسل إليّ أبو بكر بعد ذلك
بخادم تكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده رقم٢٦٣٩٧
أخرجه البخاري ومسلم وما بين المعـقوفـين له [ ]
(1) الجمل الذي يسقى عليه الماء.
(2) مؤنته أي حاجته وما فيه كفايته.
(3) أي تقوم بما يحتاج إليه ومنه سمي القائم على الدواب سائس
(4) أخرز أي أوكي بمعنى أنها تشد عليه وتحكمه ومعنى غربه أي دلوه وتطلق على الدلو الكبير.
(5) أقطعه : قال أهل اللغة: يقال أقطعة إذا أعطاه قطيعة وهي قطعة أرض
تقطع من جملة أرض.
(6) الفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع،والذراع أربع وعشرون أصبعا
معترضة معتدلة.
(7) كلمة تقال لإناخة الإبل.
الفوائد: هذه القصة فيها أعظم رد على من يلمز المؤمنين الغيورين والنساء العفيفات ذوات الحياء بأنهم أصحاب إساءة ظن بالناس وبأزواجهم أو أنهم مريضين بالوسوسة خاصة إذا علمنا أن هذه القصة وقعت قبل فريضة الحجاب التي فرضت في السنة الخامسة بينما النبي أعطى الأرض للزبير أول قدومه للمدينة كما بينت ذلك الروايات الأخرى في صحيح البخاري فبالله عليكم كيف ستكون غيرة الزبير وعفة زوجته أسماء بنت الصديق بعد الحجاب. 1- عظم صبر الصحابيات على فقر أزواجهم وإلى أي مدى كانت خدمتهم لهم.والصبر عليهم. 2- صيانة الصحابيات لرغبات أزواجهن في غيبتهم مع كون ركوبها فيه راحة عظيمة لها. 3- مراعات الصحابيات غيرة أزواجهن حتى لو كان في سبيل رحاتهن. 4- عظم حياء أسماء رضي الله عنها مع كونها مع أفضل البشر عليه الصلاة والسلام وصحابته فهم أصلح الناس وأغضهم للبصر وأكملهم نبلا ومروءة وأطهرهم قلبا ومع هذا منعها الحياء من السير معهم. 5- عظم عفة الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته والصحابيات فما كان إلا أن دعاها النبي وأناخ الإبل فلما علم بحيائها أكمل المسير من غير مزيد كلام وهكذا يجب أن يكون الكلام بين الجنسين على قدر الحاجة. 7- بيان عظم رحمة قلب الزبير ونبل أخلاقه رضي الله عنه ولا عجب هو حبيب رسولنا وحواري الأمة. 8- يجب على النساء في زماننا الاقتداء بأسماء فقد أعانت زوجها في بعض أعماله الشاقة لكي يتفرغ لما هو أهم من ذلك من أمور الجهاد وما يستخدمه فيه النبي عليه الصلاة والسلام من أمور الإسلام والمسلمين. فإذا نوت بذلك المرأة كسبت أجر زوجها في عمله وأجر من انتفع بعمله فإن كان مستمرا ليوم القيامة مضى لها ذلك العمل إلى قيام الساعة فالله الله بالصبر وتذكر عظيم الأجر في ذلك. 6- في القصة إيقاظ لقلوب المؤمنين على زوجاتهم ومحارمهم وإيقاظ لقلوب النساء على أنفسهم فيرفعنها عن التبرج والاختلاط:
((الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر))
صححه الحاكم على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبي والألباني
هذا والله أعلم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات |
قوم اصطفى الله قلوبهم لتتشرب دينه تربية ً من خاتم أنبيائه حاملين ذلك للعالم هديا وسيرة أمرنا باقتفائهم نعيش معهم نقطف من ثمار تلكم القلوب
(( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)) التوبة:100
(( ومن يشاقـق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) النساء:115.
>> قال الإمام أبو حنيفة : (ما بلغني عن صحابي أنه أفـتى به فـأقـلـده ولا أسـتجـيز خلافه)كتاب شرح أدب القاضي (1 / 185-187)الجمعة، 21 سبتمبر 2012
أين ذهبت هذه الغيرة وهذا الحياء فينا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق