بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فهذا الحديث يعرف بإسم "حديث الجسّاسة" وعند قراءتكم له ستعرفون السبب وسيكون
اللون الذهبي من كلام الصحابي ، اللون المعدني من كلام النبي عليه الصلاة
والسلام، اللون الأبيض الصغير من معاني الكلمات والكلام الذي في مستطيل الهامش هو
من فوائد الحديث وكل موطن فيه فائدة أضع له رقم هو المرجع في هامش الفوائد.
(1) فيه دلالة على أن حديث الواحد ( وهو ما يعرف عند العلماء بخبر الآحاد)
مقبول عند الصحابة وسلف هذه الأمة ومسلـّم به بينهم ويؤكد ذلك ما يأتي معنا في الحديث أن النبي عليه الصلاة
والسلام يروي قصة تميم الداري ، وقبول
خبر الواحد ليس بين الصحابة فيه خلاف وهو من أصول أهل السنة ولم يخالف فيه إلا
أهل البدع ، وللإستزادة من كلام الأئمة في هذا الباب راجع صفحتنا (أصول أجمع عليها الصحابة) ثم اختر الأصل الأول أو اضغط هنا
(2) هذا من مناقب أسامة رضي الله عنه وفيه
دلالة على وجوب محبة ما أحبه الله ورسوله كما أن كره ذلك علامة النفاق والكفر قال تعالى:(ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) سورة محمد : آية 9
(3) فيه دلالة على أن من مقاصد الشريعة سد
الذرائع إلى ما يفضي إلى المحرمات، وفيه بيان عظم الحجاب عند رسول الله فإن نسبة وقوع ما قاله بسيطة ومع
ذلك فضل إنتقالها إلى بيت لا تحصل فيه تلك المفسدة وهو بيت ابن عمها لأنه كان أعمى. وفيه دلالة أيضا أن من مقاصد الشريعة المباعدة بين النساء والرجال
لتقليل الفتنة التي هي من أمراض القلوب وهي من وسائل زنا البصر والسمع والقلب وقد ذكرنا تفسير ابن عباس للجاهلية الأولى والتي كانت بالتبرج والأختلاط وأنها سبب ظهور الفاحشة في ذرية آدم فضلا إضغط هنا
وفيه دلالة على أن المرأة ينبغي لها أن تختار من الأماكن ما يكون أبعد
لها عن أنظار الرجال وأستر لها. وفيه دلالة على أن الشعر والساقين من عورة المرأة
أمام غير المحارم فيجب عليها سترها وعدم لبس ما يصفها أو يشف عنها لما ثبت عن النبي وصحابته أن لباس المرأة يجب أن لا يشف ولا يصف وسنضع قريبا بإذن الله رابطا لتلك الآثار هنا .
|
قال الإمام مسلم في صحيحه بالباب الرابع والعشرين من كتاب الفتن وأشراط
الساعة:
حدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد بن عبدالوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما عن
عبدالصمد ( واللفظ لعبدالوارث بن عبدالصمد ) حدثنا أبي عن جدي عن الحسين بن ذكوان حدثنا
ابن بريدة
حدثني عامر بن شراحيل الشعبي
شعب همدان:
أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت
الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال:
حدثيني
حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تسنديه إلى أحد غيره (1) ؟
فقالت: " لئن شئت لأفعلن"؛ فقال: " لها أجل حدثيني"،
فقالت:" نكحت ابن المغيرة، وهو من خيار شباب قريش يومئذ؛ فأصيب
في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تأيّـمْـتُ (أي صارت أيما ً وهي التي لا زوج لها) ، خطبني عبدالرحمن بن عوف
في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وخطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم
على مولاه أسامة بن زيد،وكنت قد حُدِّثـْت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:
(( من أحبني فليحب أسامة )) (2)
فلما كلمني
رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت:" أمري بيدك فأنكحني من شئت"؛
فقال:(( انتقلي إلى أم شريك ))
وأم شريك امرأة غنية
من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله يـنـزل عليها الضيفان؛
فقلت: " سأفعل"، فقال:
(( لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان؛
فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك؛ فيرى القوم منك بعض ما تكرهين. ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم )) (3)
فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك؛ فيرى القوم منك بعض ما تكرهين. ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم )) (3)
فانتقلت
إليه ، فلما انقضت عدتي ، سمعت نداء المنادي ،
منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي :
" الصلاة جامعة " (4)
" الصلاة جامعة " (4)
(4) قال ابن تيمية في شرح العدة: قد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد إن يجمع أصحابه
لأمر يخطبهم له بعث مناديا ينادي الصلاة جامعة كما في حديث الجساسة وكما اخبرهم عن الفتنفي بعض أسفاره وغيرذلك.
(5) وهذا أيضا يؤكد ما أسلفناه من أن المباعدة
بين الرجال والنساء دفعا للاختلاط بينهم من مقاصد الشريعة فكان النساء يصلون
خلف الرجال في آخر المسجد في عهد النبوة وكان النبي عليه الصلاة والسلام يؤكد
ذلك ويحذر من شر المقاربة بينهم بقوله :" خير صفوف الرجال أولهاوشرهاآخرها
وخير صفوف النساء آخرها وشرهاأولها" أخرجه مسلم وغيره.
فجعل شر الصفوف المتقاربة هذا مع أنهم غير
متـقابلين وراجع كتب الشروح لتعرف ضلال من يـبيح جلوس النساء بجوار الرجال أو
متقابلين بل مخالفا لما أجمعت عليه الأمة.
(6) تنبيه : إن هذه الجملة تستخدم فقط في أمور
الدين أما أمور الدنيا وعلم الغيب فيجب الإقتصار على قول ( الله أعلم ) لقوله
عليه الصلاة والسلام :" أنتم أعلم بأمر دنياكم" أخرجه مسلم .
ولقوله تعالى:(( قل لاأملك لنفسي نفعا
ولاضرا ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير
وبشير لقوم يؤمنون ))
(7) تأكيد ما أسلفناه من قبول خبر الآحاد، حيث
أنه عليه الصلاة والسلام روى خبر تميم الداري رضي الله عنه ولو كان غير مقبول لما
رواه النبي صلى الله عليه وسلم.
(8) هذه الأمور التي يسأل عنها الدجال هي من علامات خروجه وقد قَـلـّتْ جداً
ماء البحيرة التي سأل عنها
|
فخرجت إلى المسجد فصليت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم، (5)فلما قضى رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلاته جلس على المنبر، وهو يضحك، فقال:
(( ليلزم كل إنسان مصلاه ))، ثم قال:
(( أتدرون لما جمعتكم ؟))،
قالوا:" الله ورسوله أعلم"(6)،
قالوا:" الله ورسوله أعلم"(6)،
قال: (( إني والله ما
جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا، فجاء فبايع
وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال.
حدثني أنه (7) :" ركب
في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر؛ ثم أرفؤا
إلى جزيرة في البحر ( أي إلـتجأوا إليها) حتى مغرب الشمس، فجلسوا
في أقرب السفينة (جمع قارب صغير يكون مع السفينة وقيل
الجزء القريب من الأرض) ، فدخلوا الجزيرة،
فلقيتهم دابة أهلب (غليظ الشعر كثيره)، كثير الشعر، لا يدرون ما
قبله من دبره من كثرة الشعر،
فقالوا: "ويلك
ما أنت ؟"
فقالت:" أنا الجساسة "،
قالوا:"
وما الجساسة ؟ "،
قالت:" أيها القوم انطلقوا إلى
هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق"،
قال: " لما سـمّت
لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة " ،
قال:" فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير، فإذا
فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه
إلى كعبيه بالحديد"،
قلنا:" ويلك ما
أنت ؟"،
قال:" قد قدرتم على
خبري فأخبروني ما أنتم ؟
قالوا:" نحن أناس
من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم (أي هاج وجاوز حده المعتاد) فلعب بنا الموج شهرا ثم
أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر
لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر؛ فقلنا:" ويلك ما أنت ؟ "، فقالت:"
أنا الجساسة"، قلنا:" وما الجساسة ؟"،قالت:" اعمدوا إلى هذا الرجل
في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق. فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون
شيطانة"،
فقال:" أخبروني عن نخل
بيسان (هي قرية بالشام)
قلنا:" عن أي شأنها تستخبر ؟"،
قال:" أسألكم عن نخلها
هل يثمر ؟"، قلنا له:" نعم "،
قال:" أما إنه يوشك أن لا تثمر"،
قال:" أما إنه يوشك أن لا تثمر"،
قال:" أخبروني عن بحيرة
الطبرية (هي
بحر صغير معروف بالشام) ؟"،قلنا:" عن أي شأنها تستخبر ؟"
قال:"هل فيها ماء ؟"،
قالوا : " هي كثيرة الماء"، قال : " أما إن ماءها يوشك أن يذهب"(8).
قال:" أخبروني عن عين
زغر (هي بلدة معروفة في الجانب
القبلي من الشام) " قالوا:" عن أي شأنها تستخبر ؟"
قال:" هل في العين ماء
؟" وهل يزرع أهلها بماء العين ؟" قلنا:"
له نعم، هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها".
(9) هذا الحديث دليل
قوي جدا في الرد على من أنكر الدجال أو أوّله بأنه دولة من الدول أو غير ذلك من
التأويلات الباطلة وبيان ضلال هؤلاء كفى الله المسلين شرههم.
(10) لكن في صحيح مسلم ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال
:
"... فينزل بالسبخة -( يقصد الدجال ) - فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج
إليه منها كل كافر ومنافق " وفي الحديث دليل على أنه من المسلمين من يدخل
إلى قلبه النفاق والكفر وهو لا يعلم ويحسبه المسلمون مثلهم وأيضا رد على الصوفية
الذين ينفون وينكرون وجود مسلمين في جزيرة العرب كفروا بعد قولهم لا إله إلا
الله . وهذا يجعلنا على حذر وخوف من دخول ذلك في قلوبنا وأن نتعلم النفاق
وأنواعه والكفر وأنواع حتى لا نقع فيه.
(11) بيان فضل مكة والمدينة وما يسخره الله من
حراسة الملائكة لها، وفيه بيان أن الملائكة تحارب بالسيوف وإثبات صفة اليد
للملائكة والله أعلم بصفتها وهيئتها ولا ننسى أن
للملائكة أجنحة كما ذكر الله ذلك في القرآن الكريم.
|
قال:" أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟"
، قالوا : "
قد خرج من مكة ونزل يثرب"
قال:" أقاتله العرب
؟" قلنا:
" نعم " قال : " كيف
صنع بهم ؟ "
فأخبرناه أنه :
" قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه"
قال لهم
: " قد كان ذلك ؟ "، قلنا : " نعم "
،
قال : " أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه .
وإني مخبركم عني إني أنا
المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج ،
فأخرج فأسير في الأرض فلا
أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة (9)؛
فهما محرمتان علي كلتاهما
(10)، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك
بيده السيف صلتا (
أي مسلولا ) يصدني عنها (11)، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها" .
قالت:" قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم -وطعن بمخصرته في المنبر- :
(( هذه طَـيْـبَـة ( ، هذه طيبة، هذه طيبة (يعني المدينة ) ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ ))
فقال الناس : " نعم "
(( فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق
الذي كنت أحدثكم عنه ، وعن المدينة ، ومكة ، ألا إنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من
قبل المشرق ، ما هو وأومأ بيده إلى المشرق )(لفظة - ما هو - زائدة صلة للكلام ليست
بنافية والمراد إثبات أنه في جهة الشرق).
قالت: " فحفظت هذا من رسول الله صلى
الله عليه وسلم "
.
إنتهى
الحديث
والحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق