(( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)) التوبة:100."أسئلة تتعلق بالآية أوجهها لكل مسلم"

(( ومن يشاقـق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) النساء:115.

>> قال الإمام أبو حنيفة : (ما بلغني عن صحابي أنه أفـتى به فـأقـلـده ولا أسـتجـيز خلافه)كتاب شرح أدب القاضي (1 / 185-187)
وكل أئمة الإسلام على هذا المنهج في اتباع الصحابة وهنا البيان فضلا إضغط هنا

منهج الأئمة في إتباع الصحابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ننقل لكم في هذه الصفحة كلام أئمة الإسلام ومنهجهم في اتباع الصحابة  وسنبدأ بالأئمة الأربعة لشهرتهم ولكن نلخص لكم أهم النقاط في كلامهم:
  • لا يخالفون المأثور عن الصحابة في أي مسألة كانت بصرف النظر عن عدد الصحابة الذين حفظ الله قولهم في تلكم المسألة.
  • إذا اختلف الصحابة على قولين أو أكثر اختاروا من أقوالهم ولم يخرجوا عنها فيخترعوا أقاوالا محدثة مبتدعة.
  • اختيارهم من بين أقوال الصحابة يكون بناءا على القول الأقرب للكتاب والسنة.
  • لا يكون اختيارهم بناءاً على القول الأسهل أوالأيسر لأن القول الحق هو الموافق للكتاب والسنة فيكون هو اليسر الذي أراده الله لنا شريعة ومنهاجا فما كان دينا فهو اليسر وليس ما كان يسرا هو الدين.
  • نجد الأئمة جعلوا ما كان عليه أئمة السلف أصلا يبنى عليه لأنه دلالة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته  فأمة محمد لا تجتمع على ضلالة وايضا هم شاهدوا الصحابة وتطبيقهم للشريعة فلا حاجة لهم للأسانيد وطرقها فواقع الصحابة وتطبيقهم أمام أعينهم. 





  • ومن ينظر في صفحتنا عاليه بعنوان أصول أجمع عليها الصحابة يجد أننا ننقل عن علماء وقعوا في بدع وتأثروا بعلم الكلام والفلسفة بل وبعضهم من علماء البدع وكلهم يستدل ويحتج في استنباط الأصول بهدي الصحابة رضي الله عنهم ولم أفعل ذلك إلا ليتبين عظم هذا الأصل عند أمة محمد ومدى ضلال من يقول في زماننا أنه يمكن ان يفهم الدين بخلاف ما فهمه الصحابة  وانه لم يخالف فقط أئمة السنة بل حتى خالف علماء البدع إلا طبعا الخوارج وغلاة علماء المعتزلة وغيرهم ممن لم يسلـّم لهذا المنهج الذي ارتضاه الله لنا وأمرنا به والله سبحانه وتعالى أعلم.

    ونبدأ مستعينين بالله النقل عن أئمة الإسلام ونبدأ بالأئمة الأربعة لشهرتهم:

    الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى :

    1- قال رحمه الله"ما بلغني عن صاحبي أنه أفتى به فأقلده ولا أستجيز خلافه" شرح أدب القاضي (185/1)
     فهذا يدل على أنه يقدمه على اجتهاده وقياسه وسيأتي معنا مزيد تقريره

    ٢- بل قال فيمن دونهم من كان من أئمة التابعين وأفتى في زمن الصحابة وزاحمهم في الفتوى وسوّغوا له الاجتهاد فأنا أقلده مثل شريح والحسن ومسروق بن الأجدع وعلقمة" ذم الكلام وأهله (207/5)
    وما كان هذا منه إلا اتباعا للصحابة فكما أنه لا يجيز لنفسه مخالفة الواحد منهم فكيف يخالف جماعتهم في من ارتضوه مفتيا للناس.
    فما رضيه الصحابة للناس مفتيا فهو كذلك تبع له فهو يفتي بفتواه

    ٣- وقال رحمه الله":"عليك بالأثر وطريقة السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة" ذم الكلام وأهله (207/5)

    ٤- قال محمد بن حمدان ابن الصباح:"...وكان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتبعه، وإن كان عن الصحابة والتابعين وإلا قاس وأحسن القياس" تاريخ بغداد (339/13)

    ٥- قال الحسن بن صالح :"كان أبو حنيفة شديد الفحص عن الناسخ والمنسوخ من الحديث فيعمل بالحديث إذا ثبت عنده عن النبي وعن أصحابه" المرجع السابق (11)

    ٦- وقال أبو حنيفة رحمه الله : ( ما ملكت أكثر من أربعة آلاف درهم منذ أكثر من أربعين سنة إلا أخرجته وإنما أمسكها لقول علي رضي الله عنه : "أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة" ولو أني أخاف أن ألجأ إلى هؤلاء ما تركت منها درهما واحداً)  المرجع السابق (50-51)
    فانظر رحمك الله كيف أنه ترك إدّخاره للمال فوق أربعة آلاف درهم لفتوى علي رضي الله عنه ، 

     8- ونقل ابن القيم أمثلة عن الإمام أبي حنيفة تقديمه قول الصحابي على القياس في كتابه إعلام الموقعين وهذا ما صرح به علماء مذهبه  قال ابن الهمام الحنفي ت861هـ (وقول الصحابي عندنا حجة يـُترَك به القياس) 

    9- وهذا ما عليه طلابه وطلابهم من ترك القياس لفتوى آحاد الصحابة رضي الله عنهم ومن ذلك ما نقله إمام الحنفية في زمانه أبوبكر الجصاص الحنفي ت370هـ فقال رحمه الله (قال أصحابنا "إن القياس" فيمن أغمي عليه وقت صلاة أن لا يقضي عليه، إلا أنهم تركوا القياس لما روي "عن عمار رضي الله عنه أنه أغمي عيه يوم وليلة فقضى"... فكان بمنزلة خبر الواحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في كونه مقدما على القياس) اهـ 

    10- قال الحسن بن زياد اللؤلؤي : (ما أدركت مشيختنا زفر بن الهذيل وأبا يوسف وأبا حنيفة ومن جالسنا وأخذنا عنهم يهمهم غير الفقه والاقتداء بمن تقدمهم) جامع بيان العلم وفضله

    وجمهور أئمة مذهبه رحمهم الله تعالى فهم على قول إمامهم  وقد نقلنا أدناه عن كبار من تتلمذ على يديه وهو محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله الذي نشر مذهبه . وراجع فضلا منك: كشف الأسرار البخاري(217/3) وكشف الأسرار للنسفي (174/2) وميزان الأصول (481-485) وأصول السرخسي ( 2 / 105 - 108 ) وتيسير التحرير (132/3).


    ومن جميل ما قرأته عنهم في حاشية ابن عابدين على الدر المختارقوله 
    («إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» فما لم يظهر خطؤه بيقين كان اتباعه واجبا ولا يظهر الخطأ في المجتهدات فأما إذا خرج عن أقوال الصحابة فقد ظهر خطؤه بيقين ) 

    الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى:

    ١- سئل الإمام مالك عن قوم أخذوا في مسألة بفتوى التابعي الإمام إبراهيم النخعي ت٩٦هـ وتركوا فتوى عمر بن الخطاب فقال:(هؤلاء يستتابون) إعلام الموقعين لإبن القيم، والإحكام لإبن حزم 

    وقد سئل رحمه الله عن معنى قوله عندما يسألونه فيقول:" يستتابون"
    فقال: " يرجعون عن قولهم" .
    هذا قاله الإمام مالك في حق الإمام التابعي إبراهم النخعي فقيه الكوفة المتوفي ٩٦هـ وقد أخذ علمه من كبار أئمة التابعين وكان مختصا بعلم الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه واشتهر عنه أنه لا يفتي إلا بآثار الأئمة من التابعين والصحابة 
    ومع هذا كله طلب الإمام مالك من أخذ بفتوى إبراهيم المخالفة لفتوى عمر بالتوبة فهنا يظهر جليها منهج أئمة الإسلام في اتباعهم لفتاوى الصحابة وعظم هذا الأصل حتى طلب الإمام مالك منهم التوبة وترك فتوى الإمام إبراهيم النخعي رحمه الله.



    ٢- ما نقله الإمام الشافعي عن شيوخه وأول من يدخل فيهم الإمام مالك بل هو أولهم فقد قال الشافعي :"مالك معلمي ولا أحد أمنّ عليّ في العلم من مالك" قال رحمه الله:
    (ومن أدركنا ممن يـُـرْضى أو حُــكـِـيَ  لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم إن أجمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا بهذا نقول ولم نخرج من أقاويلهم ، وإن قال واحد منهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله ، فإنهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعدل) 
    المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (١١٠-١١١) المسودة لآل تيمية (ص٣٠١)

    ٣- ذكر الإمام ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين أن الإمام مالك يقدم قول الصحابي على القياس بل قال هذا مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله أنهم يقدمون قول الصحابي الواحد على القياس .


    4- وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني ت386هـ مبينا مذهب الإمام مالك وأصحابه  (إنه ليس لأحدٍ أَنْ يُحْدِثَ قولاً أو تَأْويلاً لم يَسْبِقْهُ به سَلَفٌ , وإنه إذا ثَبَت عن صاحبٍ قَوْلٌ لا يُحْفَظُ عن غيرِه من الصحابةِ خِلاَفٌ له ولا وِفَاقٌ , أنَّه لا يسَع خِلافُه. وقال ذلك معَنا* الشافعيُّ  وأهلُ العراقِ - يقصد الثوري وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه والله أعلم-)النوادر والزيادات (1/ 5)
    * دلالة أن هذا كله هو قول مالك وأصحابه ويؤكدأنه مذهب مالك ما قاله في كتابه الذب عن مذهب مالك
    (وليس يخالف مالك أقضية الخلفاء التي تكون على المشورة من الصحابة وإن كان أمرا اختلفوا فيه فلا يخالف عثمان إلا لقول غيره من الصحابة)( 1/ 438) وإنما خص عثمان بالذكر لأن هذا الكلام كان في معرض مسألة إنما المأثور فيها عن الصحابة إنما هو قول عثمان رضي الله عنه

    والإمام ابن أبي زيد رحمه الله من أئمة أهل السنة وكتبه في المذهب المالكي هي عمدة المتأخرين والمتقدمين

    5- وقرر هذا العلامة الفقيه حسن المشاط  المكي المالكي ت1399هـ في كتابه الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة قائلا (هذا هو المشهور عن الإمام مالك) ومن قبله من أئمة المالكية أيضا يقررون هذا عن الإمام مالك رحمه الله قال العدوي المالكي ت1189هـ (قول الصحابي حجة عند الإمام كالك)


    6- قال قاضي بغداد الإمام ابن القصار المالكي ت397هـ رحمه الله (ويجوز عند مالك تخصيص الظاهر بقول الصحابي الواحد إذا لم يعلم له مخالف وظهر قوله لأن قوله يلزم فيجب التخصيص به لأنه يجري مجرى الإجماع جميع ذلك مذهبه في تخصيص الآي وكذلك مذهب مالك في السنة إذا كان اللفظ بها عاما يخص مثل ما ذكرنا مما يخص به الكتاب)
     نقلا من كتاب "المقدمة في الأصول"
    وابن القصار من كبار محققي المالكية 
    وهذا الكتاب من أقدم إن لم يكن أقدم كتب أصول الفقه التي وصلت إلينا، بعد كتب الشافعي

    وقد نقل هذا النقل عنه بحروفه أبو الوليد الباجي المالكي ت474هـ رحمه الله في كتابه "الإشارة" ولم يعزه إليه.


    7- قال القاضي أبو الوليد الباجي المالكي ت474هـ رحمه الله (إذا اختلف الصحابة على قولين لم يجز إحداث قول ثالث هذا قول كافة أصحابنا وأصحاب الشافعي) الإشارة في أصول الفقه  ص113


    8- ولا أدل على احتجاجه بالصحابة صنيعه في كتابه الموطأ فقد أودعه ثمانمائة وعشرون حديثأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وستمائة أثر عن الصحابة ومئتان وخمسة وثمانون عن التابعين وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الإحصاء نقلا عن أبو بكر الأبهري رحمهما الله تعالى وكل أئمة المسلمين. ( النكت على مقدمة ابن الصلاح "١٩٢/١

    9- قال الشاطبي رحمه الله :""ولما بالغ مالك في هذا المعنى -يقصد التأسي والإتباع- بالنسبة إلى الصحابة أو من اهتدى بهديهم واستن بسنتهم جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك ، فقد كان المعاصرون لمالك يتبعون آثاره ويقتدون بأفعاله ببركة اتباعه لمن أثنى الله ورسوله عليهم وجعله قدوة" الموافقات(80/4)  

    ومما يدل على شدته في التمسك بمذهب الصحابة قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني ( أحمد بن حنبل: مالك مذهبه الآثار، شديد الاتباع للآثار التي تصح عنده) الذب عن مذهب الإمام مالك (1/ 303)
    ")


    10- قال الإمام أبو بكر محمد ابن يونس التميمي ت451هـ في كتابه "الجامع" المشهور بمصحف المذهب المالكي (ويلزم تسليم السنن وأن لا تعارض برأي ولا ترفع بقياس، وما تأوله منها السلف الصالح تأولناه، وما عملوا به عملناه، وما تركوه تركناه، ويسعنا أن نمسك عما أمسكوا، ونتبعهم فيما بينوا، ونقتدي بهم فيما استنبطوه و رأوه في الحوادث، ولا نخرج عن جماعتهم فيما اختلفوا فيه وفي تأويله. وكل ما قدمنا ذكره هو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك رضي الله عنه، فمنه منصوص من قوله ومنه معلوم من مذهبه) (24/ 63) وقد ذكر هذا كله بحروفه الإمام ابن أبي زيد القيرواني ت٣٨٦ه‍ في اختصاره لمدونة الإمام مالك في آخر كتاب منه والذي سماه "الجامع" و
    وهذا أصل عظيم عند أهل السنة يهدم كل البدع في العبادات والقربات التي لم تكن على عهد السلف وهو الأصل الذي لا يريد أن يعترف به أهل البدع في زماننا وهو يوافق تماما كلام التابعي العالم الرباني عمر بن عبد العزيز الذي نقلناه لكم بالأسفل بعد الفراغ من النقول عن الأئمة الأربعة ، ويكفيك أن هذا النقل عن كتاب كبير القدرحتى أنه اشتهر باسم "مصحف المذهب المالكي"  وزد على هذا أنه اعتمده العلامة خليل كأحد أهم أربع مصادر لمختصره في المذهب، وعلى ترجيحاته وهذا المختصر هو الذي انعكف عليه المالكية دراسة وشرحا منذ القرن الثامن وإلى الآن ومن ختمه وأتقنه فقد بلغ الغاية عند المالكية والله أعلم.
    وقد نقل هذا كلع عن الإمام ابن ابي زيد القيرواني ت٣٨٦ه‍ كما أشرت أعلاه عقب النقل وأقره ولم يتعقبه.؛ فهذان إمامان يقرّان أن هذا مذهب الإمام مالك بل ومذهب جميع الأئمة.

    11-  قال ابن القاسم : سمعت الليث* ومالكا يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((( ليس كما قال فيه الناس : "فـيـه تـوسـعـة" ليس كذلك إنما هو خطأ وصواب..

    وفي سماع أشهب: سئل مالك .. فقال: .. ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابين جميعا؟؟!! ما الحق والصواب إلا واحد)) جامع بيان العلم وفضله ج1ص81
    * الليث هو الليث بن سعد من أئمة الأمصار في زمن الإمام مالك فكان هو إمام مصر ومالك إمام الحجاز والأوزاعي إمام الشام والثوري إمام العراق.

    12- قال الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات : ( وأما قول من قال : "إن اختلافهم رحمة وسعة"؛ فقد روى ابن وهب عن مالك أنه قال : (( ليس في اختلاف أصحاب رسول الله الله صلى الله عليه وسلم سعة ، وإنما الحق في واحد. قيل له :فمن يقول إن كل مجتهد مصيب؟ فقال : هذا لا يكون هكذا، لا يكون قولان مختلفين صوابين))


    الإمام محمد بن إدريس الشافعي ت204هـ رحمه الله:

    وهو من طلاب الإمام مالك رحمه الله بل قال:مالك معلمي وليس أحد أمن علي في العلم من مالك ".  ويعتبر الإمام مالك من أعلم أئمة أتباع التابعين الذين هم آخر القرون المفضلة، والإمام الشافعي هو شيخ الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله جميعا.
    ١- قال رحمه الله ما كان الكتاب أو السنة موجودين فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا باتباعهما
    فإن لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحد منهم ، ثم كان قول الأئمة أبي بكر أوعمر أو عثمان رضي الله عنهم إذا صرنا فيه إلى التقليد أحب إلينا وذلك إذا لم نجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنة ، فنتبع القول الذي معه الدلالة ، . ... إلى أن قال:
    فإذا لم يوجد عن الأئمة (يقصد الخلافاء الراشدين) فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين موضع الأمانة أخذنا بقولهم وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم"كتابه الأم وهو من كتبه الجديدة (265/7)


    ٢- قال : والعلم طبقات:
    الأولى  : الكتاب والسنة إذا ثبتت السنة.
    الثانية   : الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنة.
    الثالثة   : أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نعلم له مخالفا منهم.
    الرابعة  : اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم.
    الخامسة: القياس على بعض هذه الطبقات " البيهقي في المدخل إلى السنن (109-110) والزركشي في البحر المحيط (55/6)

    ٣- وقال :(لايكون أن تقول إلا عن أصل أو قياس على أصل، والأصل كتاب أو سنة أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع الناس) وقال: ( لا يقال للأصل لِمَ؟ ولا، كيف؟ )مناقب الشافعي للبيهقي (١\٣٦٧)وقال (يقال للقياس لم وكيف)

     فقدم رحمه الله قول الصحابة على القياس وقد صرح في جديد مذهبه في كتابه الأم بأنه أصل يقدم على القياس ولو كان قول صحابي واحد كما في النقل الأول ونؤكده من الأم أيضا

    4- بقوله (وأصل مذهبنا أنا لا نخالف الواحد من أصحاب رسول الله إلا أن يخالفه غيره منهم) 
    فبين أنه لا يترك فتوى الصحابي الواحد إلا إذا خالفه صحابي آخر فعندها يختار ما كان أقرب لدلالة القرآن والسنة وأصح قياسا، كما تقدم في النقل الأول بيانه. بل حتى لو كان هذا القول يخالف القياس فإنه يقدم قول الصحابي 
    5- فقد قال رحمه الله لمن قدم أثر ابن عباس على القياس (الأثر أحق أن يتبع من القياس فإن كان ثابتا فهو أولى أن يؤخذ به)
    6- وصرح بهذا في مسألة أخرى فقال رحمه الله (استبراء الأمة إذا كانت ممن لا تحيض قياسا على الحيضة إلا أن يمضي أثر بخلافه يثبت مثله فالأثر أولى أن يتبع)
    كل هذا في مذهبه الجديد نقلا من كتابه الأم وغيرها من الأمثلة التي لم ننقلها اختصارا.

    7- وحتى لو كان المخالف لفتوى الصحابي من أجلاء التابعين وخذ مثالا شريح القاضي رحمه الله وقد تولى رحمه الله القضاء في عهد الخلفاء الراشدين قال الإمام الشافعي في الأم : (وشريح رجل من التابعين ليس لك عند نفسك ولا لغيرك أن يقلده ولا له عندك أن يقول مع أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)

    وهذا ما أوصى به عمر وابن مسعود رضي الله عنهما شريحا بل وهذا ما صرح به شريح عن نفسه وكل هذا نقله الإمام ابن عبد البر المالكي في كتاب جامع بيان العلم وفضله

    بل بين رحمه الله أن مخالفة هذا الأصل لا يصدر عمن يعقل شيئا من الفقه فقال رحمه الله 
    8- فقال رحمه الله (أفيجوز لأحد يعقل شيئاً من الفقه أن يترك قول عمر ولا يعلم له مخالفا من أصحاب النبي لرأي نفسه أو رأي غيره) الأم (٦٤٥/٨)
    انظر إنكاره على من خالف فتوى الصحابي لأنه قال بقول لم يقله صحابي آخر بل لا يتصور أن يخرج هذا القول عن رجل عقل شيئا من الفقه.


    9- بل وأشد من ذلك فقد جعل رحمه الله في جديد مذهبه فيما يرويه الربيع عنه وهو ممن أخذ عنه بمصر  (أن البدعة ما خالف الكتاب أوالسنة أو أثرا أو إجماعا) المدخل إلى السنن للبيهقي في باب ما يذكر في ذم الرأي، واستدل بهذا النقل في حجية قوله ابن تيمية في تنبيه الرجل العاقل وابن القيم في إعلام الموقعين.

    وكم وكم  ينكر الإمام الشافعي على من خالف فتوى الصحابي الواحد في معرض نقاشه للمالكية والحنفية في كتابه الأم 
    10-  وهذا مثال من "باب قطع التلبية" لمن خالف فتوى ابن عمر رضي الله عنهما : (فكيف كرهتم غير مكروه وخالفتم من لا ينبغي لكم خلافه وما نراكم تبالون من خالفتم إذا شئتم) وقال مستنكرا عليهم عندما خالفوا قول أحد الصحابة مذكرهم بمذهبه ومذهبهم (فكيف أنكرنا وأنكرتم من خالف عمر و الواحد من أصحاب النبي في غير هذا)

    11- وفي كتابه (الأم) في معرض نقاشة للأئمة أصحاب مالك وأبي حنيفة يقرر مذهبه ومذهبهم ومن ذلك  قال رحمه الله (وقلت له أنت تقول في الواحد من أصحاب رسو الله صلى الله عليه وسلم إذا قال قولا وكان في القرآن تنزيل يحتمل خلافه قوله في الظاهر قلنا بقوله وقلنا هو أعلم بكتاب الله عز وجل) وقال (زعمنا وزعمتم أن الأصل من العلم لا يكون أبداً إلاكتاب الله أوسنة رسول الله أو قول أصحاب رسول الله أو بعضهم ) وقال (وأصل ما تذهبون..ان الواحد من أصحاب رسول الله إذا قال قولا كان قوله غاية ينتهى إليها) وقال ( أن أصل مذهبنا ومذهبك من أنا لا نخالف الواحد من أصحاب النبي إلا أن يخالفه غيره منهم) 

    12- وقال عن الصحابة رضي الله عنهم: وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل أمر استدرك فيه علم او استنبط، وآراءهم لنا أجمل وأولى بنا من رأينا، ومن أدركنا ممن يـُـرْضى أو حُــكـِـيَ  لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم -يقصد الصحابة - إن أجمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا بهذا نقول ولم نخرج من أقاويلهم ، وإن قال واحد منهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله ، فإنهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعدل) المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي ١١٠-١١١) (المسودة لآل تيمية فص٣٠١)
    وكما ذكرنا فإن هذا النقل عن الإمام الشافعي ثمين لأنه ينقل لنا مذهب هؤلاء الأئمة ومنهم الإمام أبو حنيفة وصحاباه أبويوسف ومحمد الشيباني والإمام مالك وغيرهم ممن أخذ عنهم الشافعي العلم أو نقل له علمهم .


    الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى :

    أما الإمام أحمد فهذا هو المشهور عنه رحمه الله وعن أصحابه وهاكم ما قاله رحمة الله عليه:

    ١- قال رحمه الله : (أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والإقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة ضلالة وترك الخصومات وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء وترك المراء والجدال والخصومات في الدين..." طبقات الحنابلة لإبن أبي يعلى "٢٤١/١")
    ٢- سئل الإمام أحمد بن حنبل ما معناه هل لأحد أن يخرج عن أقاويل الصحابة فقال :(هذا قول خبيث، قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اخـتـلـفـوا) المسودة في أصول الفقه
    3- قال الإمام أحمد رحمه الله:
    (((من تأوّل القرآن على ظاهره بلا دلالة من رسول الله، ولا أحد من أصحابه، فهو تأويل أهل البدع؛ لأن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكماً عاماً، ويكون ظاهرها في العموم، وإنما قـُـصِـدَت لشيء بعينه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم المعبر عن كتاب الله تعالى وما أراد، وأصحابه أعلم بذلك منا، لمشاهدتهم الأمر وما أريد بذلك)))
    الروايتين والوجهين المسائل الأصولية "ص47،60"، العدة "2 /526"، التمهيد في أصول الفقه"2 /105"، المسودة "5/1"
    4- قال ابنه عبد الله : قلت لأبي : "إذا لم يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك -يقصد في بيان معنى آيةـ شيء مشروع يخبر فيه عن خصوص أو عموم ؟ 
    فقال الإمام أحمد:( ينظر إلى ما عمل به الصحابة ؛ فيكون ذلك معنى الآية فإن اختلفوا ينظر أي القولين أشبه بقول رسول الله صىلى الله عليه وسلم يكون العمل عليه (مسائل الإمام أحمد برواية ابنه "٤٤٣")
    5- قال أحمد في رواية أبي الحارث وقد سأله:
    إلى أي شيء تذهب في ترك الصلاة بين التراويح؟
    فقال: ضرب عليها عقبة بن عامر ونهى عنها عبادة بن الصامت رضي الله عنهما.
    فقيل له : يروى عن سعيد والحسن؛ أنهما كانا يريان الصلاة بين التراويح؟
    فقال: أقول لك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول التابعين !!
    6- وسأله أيضا عن عدد من الرجال قتلوا رجلا واحدا؟

    فقال : يقادون به، يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما.
    فقيل له : يروى عن بعض التابعين : أنه لا يقتل إثنان بواحد. 
    فقال : ما يصنع بالتابعين!!؟؟
    .
    7- نقل أيضا أبو عبد الله القواريري قال:
    سمعت أحمد يذاكر رجلا فقال له : "عطاء" 
    فأخذ أحمد بنعـلـه وقال:
    "أقول لك ابن عمر ، وتقول : قال عطاء!!!؟؟ من عطاء ومن أبوه؟! 
    الفقرات ٤،٥،٦ مرجعها "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص٥٥، "العدة" في أصول الفقه ٤/ ١١٥٣-١١٥٧ 
    8- قال الإمام أحمد (...لا يكاد يجيء عن التابعين شيء إلا يوجد فيه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) العدة لأبي يعلى الفراء582/2
    ٩ -  قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "كان الإمام أحمد يقول :(إنه ما من مسألة يسأل عنها إلا وقد تكلم الصحابة فيها أو في نظيرها) "مجموع الفتاوى ٢٨٥/١٩ 

    وكلام الأئمة الأربعة ما هو إلا اتباع لهم لِمَا ثبت عندهم فهمه من كلام الله ولِمَا ثبت نصه ومعناه من كلام رسوله عليه الصلاة والسلام ثم كلام الصحابة وهو ما وجدوا التابعين وكبار أتباعهم عليه وهذا هو شعار أهل السنة ومنهجهم الذي خالفهم فيه أهل البدع
    ولهذا هنا لم أنقل من الأحاديث والآيات وآثار الصحابة والتابعين حتى لا يأتي من ينازعني فيقول لعل هذه الأحاديث والآثار لم تثبت وإن ثبتت فلعلها لها دلالة أخرى فأتيت هنا بفضل الله ما يقطع هذا الشك من كونها ثابتة عند أئمة الإسلام نصا ومعنى وجعلوها منهجا يسيرون عليه.

    ما ثبت عن التابعين رضي الله عنهم فأكتفي بعالم من علمائهم وإمام من أعظم أئمتهم بل قال عنه الإمام أحمد لا أحد قوله حجة من التابعين إلا عمر بن عبد العزيز 
    ويحسن أن نذكر عنه ما نقله الحافظ ابن سعد في طبقاته بسنده عن ابن عمر رضي الله عنه قوله : (كنا نتحدث أن هذا الأمر لاينقضي حتى يلي هذه الأمة رجل من ولد عمر يسير فيها بسيرة عمر، بوجهه شامة. قال : فكنا نقول هو بلال بن عبد الله بن عمر، وكانت بوجهه شامة. قال: حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز) 7425

    الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (ت١٠١هـ):

    قال الإمام العادل العابد الورع العالم القدوة الحجة عمر بن عبد العزيز : " سَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لولاة الأمر بعده سننا ، الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكمال لطاعته ، وقوة على دينه ، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي من خالفها فمن اقتدى بما سنوا اهتدى ومن استنصر بها نصر ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولّاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا"  يقصد قوله تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) 
    أصول اعتقاد أهلة السنة والجماعة للالكائي "٩٤/١"
    قال الشاطبي رحمه الله تعليقا على قول عمر السابق في كتابه الإعتصام (87/1) :
    "ومن كلامه الذي عـُـنـِــيَ به ويحفظه العلماء وكان يعجب مالكا جدا..فإنه كلام مختصر جمع أصولا حسنة من السنة"

    وقال مخاطبا من يتكلم في مسألة لم يتكلم فيها الصحابة لظنه أنه فهم مالم يفهمه الصحابة؛ أو قال في مسألة بقول لم يقله أحد الصحابة فـقـال ناصحا له:
    " قف حيث وقف القوم - أي قف مع الصحابة ولا تتكلم فيما لم يتكلموا فيه-، وقل كما قالوا- أي لا تخالف فتاويهم وفهمهم للدين- واسكت كما سكتوا - أي اسكت عن الكلام في المسائل والأمور التي سكت عنها الصحابة -؛ فإنهم عن علم وقفوا - أي وقفوا عن القول بقولك لعلمهم ببطلانه ولعلمهم بالحق في خلافه - وببصر ناقد كفوا - بسبب قوة بصيرتهم في معرفة دسائس الأمور كفوا عن الخوض فيما خضت فيه- وهم على كشفها كانوا أقوى - أي لو كان فهمك هذا حقا لكانوا أقوى منك على كشفه- ، وبالفضل لو كان فيها أحرى فإنهم السابقون - ولو كان فيما ابتدعته فضل فهم أولى بك منه لأن الله اختصهم بالسبق للخير كما دل القرآن والسنة على ذلك- ولئن كان الهدى ما أنتم عليه فلقد سبقتموهم إليه -هو يستنكر عليه فكيف يسبق الصحابة أحد في فضائل الوحي علما وعملا وهم الذين اصطفاهم الله ورباهم على يد رسوله فهذا ينافي صريح الدين والعقل - ولئن قلتم : حدث بعدهم حدث -أي ولو أردتم الهرب من قولكم أنا سبقناهم وتحتجون بتغير حال زمانكم عن زمانهم  -، فما احدثه إلا من خالف سبيلهم ورغب بنفسه عنهم ولقد تكلموا منه بما يكفي ووصفوا منها ما يشفي -أي أن ما تتدعي أنك فهمته من القرآن والسنة فكلام الصحابة في هذا الباب يكفي ويشفي-، فما دونهم مقصر- من كان دون الصحابة فهو قطعا مقصّر- ، ولا فوقهم محسر-ولا يوجد أحد فوقهم سبقهم لعلوهمته- ، ولقد قصر عنهم أقوام فجفوا وطمح عنهم آخرون فغلوا وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم" الإبانة "٣٢٢/١"  وهو من أعظم كتب عقيدة أهل السنة والجماعة


    وكل التابعين على هذا وكلامهم في هذا كثير لا خلاف بينهم في أنهم يتركون أراءهم وفهمهم للدين إذا خالفت فهم الصحابة ويتمسكون بما ثبت عندهم عن آحاد الصحابة مع كون التابعين أئمة مجتهدين ويكفيك ما قاله


    الإمام الحافظ العلائي الشافعي (694-791هـ) رحمه الله: (إن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم والأخذ بقولهم والفتيا به من غير نكير من أحـد وكانوا من أهل الإجتهاد أيضا - أي أنهم قالوا ذلك مع كونهم من أهل الإجتهاد- .... إلى أن قال...
    ومن أمعن النظر في كتب الآثار وجد التابعين لا يختلفون في الرجوع إلى أقوال الصحابي - اي لم يجدوا في المسألة إلا قول صحابي واحد فقط -
    فيما ليس فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع ثم هذا مشهور أيضا في كل عصر لا يخلو عنه مستدل بها أو ذاكر لأقوالهم في كتبه) إجمال الإصابة في أقوال الصحابة ص66.

    وقال الشاطبي المالكي(ت970) رحمه الله: (وذلك أن السلف والخلف من التابعين ومن بعدهم يهابون مخالفة الصحابة ويتكثرون بموافقتهم وأكثر ما تجد هذا المعنى في علوم الخلاف الدائر بين الأئمة المعتبرين...وما ذاك إلا لما اعتقدوه في أنفسهم وفي مخالفيهم من تعظيمهم –أي تعظيم الصحابة- وقوة مآخذهم دون غيرهم وكبر شأنهم في الشريعة وأنهم-أي الصحابة- ممن تجب متابعتهم وتقليدهم فضلا عن النظر معهم فيما نظروا فيه) الموافقات(4/77)



    العلامة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري صاحب أبي حنيفة (113-182هـ)
    كان من أنبل تلامذة أبي حنيفة وتخرج منه أئمة مثل محمد الشيباني التالي ذكره وهما أعمدة مذهبه ولشهرتهما لا يسميهم الحنفية عند ذكرهم في المسائل الفقهية ولكن يشيرون إلى موافقتهما او مخالفتهما لأبي حنيفة بقولهم (وافقاه أو خالفاه) فمتى قرأت هذه العبارة فاعلم أنهما المقصودين.
    وتولى قضاء الكوفة ستة عشر عاما ومات وهو على القضاء وأخذ عن بعض التابعين وأتباعهم وقد أخذ عنه أئمة كالإمام أحمد رحمه الله وأما مكانته عند المحدثين فيكفيك ما قاله عنه إمام المحدثين والجرح والتعدي يحيى بن معين ت158هـ :
    (ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث، ولا أحفظ، ولا أصح رواية من أبي يوسف)
    قال إمام الحنفية في زمانه أبو بكر الجصاص البغدادي الحنفي ت370هـ (كان أبو الحسن الكرخي يقول : "كثيرا مما أرى لأبي يوسف في إضعاف مسألة يقول: القياس كذا، إلا أني تركته للأثر وذلك الأثر قول صحابي لا يعرف عن غيره من نظرائه خلافه" قال أبو الحسن "فهذا يدل من قوله دلالة بينة على أنه كان يرى أن تقليد الصحابي إذا لم يعلم خلافه من أهل عصره أولى من القياس") 
    فعلق أبو بكر الجصاص قائلا : (تقديم قياس الصحابي على قياسنا واجتهاده على اجتهادنا فضل مزية بمشاهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بأحوال النصوص وما نزلت فيه وعلمه بتصاريف الكلام ووجوه الخطاب التي لا يبلغها علمنا ومعرفتنا فيكون قياسه أولى من قياسنا) ثم أخذ يستدل رحمه الله بالنقل والعقل على حجية قول الصحابي ، فانظر رحمك الله يا أخي إذا كان هذا موقفهم في قول صحابي واحد فكيف موقفهم إذا كان لدينا قول عدد من الصحابة فكيف وهذا إذا كان كلامهم اجتهادا أو قياسا فكيف لو كان كلام الصحابة تفسيرا للنص فهذا أولى ثم أولى ثم أولى وهنا يتضح لك موقف مدرسة (أهل الرأي) فما بالك بمدرسة أهل الأثر رحم الله الجميع وغفر لهم وأسكنهم الفردوس الأعلى.


    الإمام محمد بن الحسن الشيباني الحنفي (ت189هـ)رحمه الله تعالى:
    صاحب أبي حنيفة وناشر مذهبه وعامود مذهبه وأخذ علم الحديث والأثرأيضا عن الإمام مالك وهو ممن روى لنا عن مالك كتابه الموطأ وأخذ العلم ايضا عن أئمة الأمصار مثل إمام الكوفة سفيان الثوري وإمام الشام الأوزاعي وكما أخبر ابن تيمية أن هؤلاء (مالك،الثوري،الأوزاعي) لا يختلف أهل العلم أنهم أعلم أهل زمانهم، وممن روى عن الإمام محمد الشيباني العلم هو الإمام الشافعي وقد أخذ عنه علم أبي حنيفة فرحم الله الجميع.

    قال الإمام محمد الشيباني رحمه الله :((العلم أربعة أوجه ما كان في كتاب الله وما أشبهه* وما كان في سُـنـّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المأثورة وما أشبهها*، وما كان فيما أجمع عليه الصحابة وما أشبهه*، وكذلك ما اختلفوا فيه لا يخرج عن جميعه فإذا وقع الاختيار فيه على قول فهو علم يقاس عليه ما أشبهه ، وما استحسنه عامة فقهاء المسلمين وما أشبهه وكان نظيرا له . ولا يخرج العلم عن هذه الوجوه الأربعة)). جامع بيان العلم وفضله في باب معرفة أصول العلم
    *مراده بقوله ما أشبهه أي ما يقاس عليه وكان نظيرا له، وهو مثل قول الشافعي أعلاه في ثالث نقل عنه "لا يكون أن تقول إلا بأصل أو قياس على أصل" ذكر هذا المعنى الإمام ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله وقد نقلته بمعناه.


    وقد سئل رحمه الله : أرأيت رجلا توضأ ونسى المضمضة والاستنشاق أو كان جنبا فنسى المضمضة والاستنشاق ثم صلى قال
    ( أما ما كان في الوضوء فصلاته تامة وأما ما كان في غسل الجنابة أو طهر حيض فإنه يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة قلت من أين اختلفا قال هما في القياس سواء إلا أنا ندع القياس للأثر الذي جاء عن ابن عباس رضي الله)االأصل المعروف بالمبسوط (1/ 41)


    الإمام إسحاق بن راهوية (٢٣٨هـ)رحمه الله تعالى:
    هو من أئمة زمانه المجتهدين شهد له الأئمة كالإمام أحمد وغيره بالإمامة في الدين قال الإمام أحمد:"إسحاق إمام يقتدى به" وهو من النوادر الذين لقبوا بـ (أمير المؤمنين في الحديث) وهو شيخ أصحاب السنن الستة(البخاري، ومسلم،والترمذي، وأبو داود، والنسائي) إلا ابن ماجة ولا يخلوا كتاب من كتب الفقه إلا وينقلون فيه فتاويه واجتهاداته ومن الجميل أن نذكر أنه السبب في أن الإمام البخاري ألف صحيحه قال البخاري :(كنا عند إسحاق بن راهويه فقال لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح) فتح الباري لابن حجر (1/ 7)

    قال الإمام إسحاق بن راهويه في بيان وجوب اتباع الصحابة رحمه الله:
    (واما العالم يفتي بالشيء  يكون خلافا لما جاء من أصحاب النبي أو التابعين بإحسان لما يكون قد عَـزُب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه فإن على المتعلمين أن يهجروا ذلك القول بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته...) مسائل الكوسج 3458



    الإمام ابن المنذر الشافعي (ت318هـ) رحمه الله تعالى
    (ومن المحال أن يخفى على الصحابي الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، معنى خبره، ويستخرجه بعض المتأخرين)

    الإمام الحسن البربهاري (ت329هـ) رحمه الله تعالى

    وهو إمام أهل السنة والجماعة في عصره قال رحمه الله
    (إعلم أن الخروج من الطريق على وجهين: ...- فذكر صاحب الوجه الأول ثم قال عن صاحب الوجه الثاني- وآخـَرٌ: عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين فهو ضال مضل شيطان مريد في هذه الأمة حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه ويُـبـَـيّـن لهم قـصّـته لئلا يقع أحد في بدعته .. فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم وكفى بهذا فرقة وطعنا عليهم وهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس منه)
    نقلا من كتابه شرح السنة الذي يعتبر من مختصرات كتب العقيدة
     وقال رحمه الله في نفس المصدر :(كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تنظر وتسأل:
    هل تكلم به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؟"يقصد علماء السلف من التابعين وأتباعهم" فإن وجدت فيه أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشئ ولا تختار عليه شيئا فتسقط في النار)
    لماذا قال بأن مصيرك النار إن خالفتهم؛ لأنك إذا خالفت سلف الأمة تكون خالفت سبيل المؤمنين والله يقول (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام من هم خير مؤمني هذه الأمة حتى نتبعهم فقد قال خير الناس قرني ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، ثم يجيء قوم لا خير فيهم) حسنه الألباني وأخرجه البخاري بنحوه وغيره وهو مخرج في كتب العقائد والسنن ففي هذا الحديث قسّم النبي الأمة قسمين قسم هم خير الأمة وقسم ذمه فلم يبقى على القسم المذموم إلا أن يتبع سبيل المؤمنين الذين شهد لهم الله على لسان رسوله والذي جعل الله سبيل مخالفه جهنم وساءت مصيرا وليس هذا فقط بل توعّد الله بترك ولايته ويكله الله إلى ما تولاه إما شيخه أو حزبه أو عرفه أو عقله أو أجداده وآباءه نسأله الله العفو والعافية ولهذا كان التابعين لا يخالفون الصحابة في فتاويهم وهديهم ويقتدون بهم وينكرون أشد النكير على من خالفهم ثم جاء أتباع  التابعين كالإمام مالك وغيره من الأئمة فلزموا طريق سلفهم وتمسكوا بما عليه جماعة المؤمنين وسنة رسوله فسموا أهل السنة والجماعة.

    الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي (ت386هـ)رحمه الله تعالى الملقب بمالك الصغير
    ن كان إماما عالما قدوة عالم بلاد المغرب وشيخ المالكية  وكان أحد من اجتمع فيه العلم والعمل ألف وصنف الدرر النفائس في المذهب وكان على عقيدة السلف رحمه الله وله الزوائد والنوادر وكتاب العتبية وعليهما الفتوى قال رحمه الله
    1- (ولا أعلم من فقهاء الأمصار من يرى أن يتقلد قولا، لا يحفظ فيه عن أحد من الصحابة إلا خلافه، ومن تقلد مثل هذا القول الذي رغب عنه صدر الأمة انبغى له أن يستحي من ذكره)
    2- وقال ( إن تأويل الصحابة في الحديثين أولى، وكذلك في أخذهم بأحد الحديثين دون الآخر، وإن كان لابد من التأويل فتأويلهم مع المشاهدة أولى من تأويل لمتأخرين. والشافعي يترك الحديث إذا تركه راويه من الصحابة، وفعل ذلك في حديث أُبَي: الماء من الماء، وهذا نحو قولنا، وقال في كتاب" مختلف الحديث": إن الأشبه أن أُبَيًّا لم يتركه إلا وعنده من ذلك علم أوجب تركه، ونحو هذا) 1/276
    3- وذكر رحمه الله مبينا الأسباب التي من أجلها يترك العلماء حديثا أو يقدمون حديثا على حديث إذا لم يمكنهم الجمع ومن تلكم الأسباب قوله 
    (أو يكون حديثا، يدعه جمهور الصحابة - وهم به عالمون - فيعلم أن من وراء ذلك علم، من نسخ أو خصوص، أو غير ذلك..)
    4- وقال (وهذا رجل قليل العلم، كثير الجرأة لا يهاب أن يتجرأ بلسانه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم سرج البلاد وائمة العباد فمن ذا يعذره في قوله: إذا كان قول عمر مخالفا لظاهر كتاب الله لم يلزمنا؟ وما علمت أن أحدا من اهل السنة تجاسر على أن صاحبا لرسول الله خالف ظاهر كتاب الله). وهذه النقول من كتابه الرائع الماتع الذب عن مذهب مالك وهو في الحقيقة الذب عن منهج أهل السنة والجماعة.


    الإمام القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي (ت422هـ)رحمه الله تعالى:
    ( إن السلف -يقصد الصحابة - إذا أجمعوا على فعل شيء أو تركه أو الرضا به إو إنكاره فواجب علينا اتباعهم في جميع ذلك والاقتداء بهم وامتثال طريقهم وترك المخالفة لهم ...وهذا مشتهر في الصحابة والتابعين أعني وجوب الاتباع وذم الابتداع وكراهة المحدثات ونِسْبَة من خالف ذلك إلى العصيان والشقاق وذميم الطرائق)

    العلامة المحدث أبو بكر أحمد بن الحسين الخرساني البيهقي الشافعي (ت458هـ )
    كان أعلم متأخري الشافعية بنصوص الشافعي رحمه الله كما صرح  أبو شامة (ت665هـ) وقال عنه إمام الحرمين الجويني الشافعي(ت478هـ) :(ما من شافعي إلا وللشافعي عليه مِنّة إلا أبا بكر البيهقي فإن المنة له على الشافعي) وكانت كتبه من أعظم الكتب فائدة وتجويدا ويعد كتبه السنن الكبير من أهم دواوين السنة والناس عالة عليه إلى وقتنا الحاضر. 
    قال رحمه الله عن الصحابة رضي الله عنهم (لكل واحد منهم من فضل العلم والورع والسابقة ما يوجب الاقتداء به فيما لا يوجد فيه من الدلائل ما هو أعلى منه) 




    الإمام ابن عبد البر الأندلسي المالكي (٤٦٣هـ)رحمه الله تعالى:
    وهو من أعلم الناس بفتاوى الصحابة والسلف وتمييز صحيحها من ضعيفها كما شهد له ابن تيمية وغيره بذلك وشرحه لأحاديث موطأ الإمام مالك لم يسقبه قبله ولا بعده مثله وعده أهل العلم أنه أحد ثلاثة حفظ الله بهم العلم في الأندلس. قال رحمه الله :
    (ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نقل الثقات وجاء عن الصحابة وصح عنهم فهو علم يدان به وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم فبدعة وضلالة) جامع بيان العلم وفضله - باب ما تكره فيه المناظرة ص٣٣ طبعة ابن الجوزي


    وقال رحمه الله
    (باب ذكر الدليل في أقاويل السلف على أن الاختلاف خطأ وصواب ، يلزم طلب الحجة عنده ، وذكر بعض ما خطـّأ فيه بعضهم بعضا ً وأنكره بعضهم على بعض عند اختلافهم..
    هذا كثير في كتب العلماء، وكذلك اختلاف اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من المخالفين، وما رَدَّ فيه بعضهم على بعض لا يكاد يحيط به كتاب فضلا عن أن يجمع في باب.. وفي رجوع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض ورَدِّ بعضهم على بعض دليل واضح على أن اختلافهم عندهم خطأ وصواب ولولا ذلك كان يقول كل واحد منهم :
    "جائز ما قلت أنت، وجائز ما قلت انا، وكلانا نجم يهتدى به ، فلا علينا شيء من اختلافنا"
    والصواب مما اختلف فيه وتدافع وجه واحد ولو كان الصواب في وجهين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضا في اجتهادهم وقضائهم وفتواهم والنظر يأبى ان يكون الشيء وضده صوابا ًكله ... "إلى أن قال ":
    >> الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله ..
    وقد أجمع الفقهاء من أهل النظر في هذا وطولــّوا وفيما لوّحنا مقنع ونصاب كاف لمن فهمه وأنصف نفسه ولم يخادعها بتقليد الرجال)) 2ج2ص88 المرجع السابق

    وقال رحمه الله تعالى : (... وعن سليمان التيمي أنه قال : "لو أخذت برخصة كل عالم ، اجتمع فيك الشر كله". ثم علق ابن عبد البر قائلا : هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا )  ج2 ص 92 المرجع السابق


    شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى(ت728هـ): 


    1- (إن معرفة مراد الرسول و الصحابة هو أصل العلم وينبوع الهدى) مجموع الفتاوى413/5

    2- (فإذا افتقر العبد إلى الله ودعاه وأدمن النظر في كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ، انفتح له طريق الهدى)) مجموع الفتاوى118/5

    3-(من ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة ويتبع غير سبيلهم فهو من أهل البدع والضلال ومن خالف ما أجمع عليه المؤمنون فهو ضال) مختصر الفتاوى المصرية

    4- (الإحتجاج بالظواهر والتمسك بالأقيسة مع الإعراض عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فذلك طريق أهل البدع) مجموع الفتاوى بنحوه 392/7

    5- وقال رحمه الله (ومن أصولهم - أي أهل السنة والجماعة - أن أقوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المنتشرة لا تترك إلا بمثلها) إقامة الدليل على إبطال التحليل 

    5- وقال في مسألة وجوب اتباع فتوى الصحابي الواحد * (أن السلف أجمعوا على ذلك من الصحابة والتابعين وتابعيهم وهم القرون الصالحة) تنبيه الرجل العاقل
    *والمراد بها في علم الأصول هي فتوى الصحابي التي لا يعلم الأئمة له موافق أو مخالف من حديث أو أثر عن صحابي آخر ولا يعلم هل اشتهر قوله أو لم يشتهر وتجد بحث هذه المسألة في مسألة الإجماع السكوتي في كتب الأصول،وقد ظهر من خالف السلف في هذا المسألة ولكنهم وافقوا السلف إذا كان في المسألة قول إثنين من الصحابة فأكثر، وأفضل كتاب رأيته لابن تيمية ناقش من اعترض على هذا الأصل وذكر الأدلة عليه من القرآن والسنة والآثار والدلائل العقلية والنظرية هو كتاب تنبيه الرجل العاقل وقد استفاد منه ابن القيم وزاد بسطا لها في كتابه إعلام الموقعين بما لن تراه في كتاب آخر.

    6- وقال رحمه الله(وكل أحد يعلم أن عقول الصحابة والتابعين وتابعيهم أكمل عقول الناس. واعتبر ذلك بأتباعهم فإن كنت تشك في ذكاء مثل مالك والأوزاعي والليث بن سعد وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر بن الهذيل والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم وأبي عبيد وإبراهيم الحربي وعبد الملك بن حبيب الأندلسي والبخاري ومسلم وأبي داود وعثمان بن سعد الدارمي بل ومثل أبي العباس بن سريج وأبي جعفر الطحاوي وأبي القاسم الخرقي وإسماعيل بن إسحاق القاضي وغيرهم من امثالهم فإن شككت في ذلك فأنت مفرط في الجهل أو مكابر، فانظر خضوع هؤلاء للصحابة وتعظيمهم لعقلهم وعملهم، حتى انه لا يجترئ الواحد منهم أن يخالف الواحد من الصحابة إلا أن يكون قد خالفه صاحب آخر) درء التعارض

    7- "من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله ، ملحد في آيات الله ، محرف للكلم عن مواضعه وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد وهو معلوم البطلان بالإضطرار من دين الإسلام" مجموع الفتاوى"٢٤٣/١٣"

    8- "ومن آتاه الله علما وإيمانا علم أنه لا يكون عن المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف لا في العلم ولا في العمل ومن كان له خبرة بالنظريات وبالعـقـليات والعمليات علم أن مذهب الصحابة دائما أرجح من قول من بعدهم وأنه لا يبتدع أحد قولا في الإسلام إلا كان خطأ وكان الصواب قد سبقه إليه من قبله" مجموع الفتاوى"٤٣٦/٧"

    9- "قد تنفرد طائفة بالصواب عمن يناظرها من الطوائف كأهل المذاهب الأربعة قد يوجد لكل واحد منهم أقوال انفرد بها وكان الصواب الموافق للسنة معه دون الثلاثة لكن يكون قوله قد قاله غيره من الصحابة والتابعين وسائر علماء الأمة بخلاف ما انفردوا به ولم ينقل عن غيرهم فهذا لا يكون إلا خطأ وكذلك أهل الظاهر كل قول انفردوا به عن سائر الامة فهو خطأ وأما مانفردوا به عن الأربعة وهو صواب فقد قاله غيرهم من السلف"منهاج السنة النبوية "١٧٨/٥"



    10-(فالعلم المشروع والنسك المشروع مأخوذ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما جاء عمن بعدهم فلا ينبغي أن يجعل أصلا..فمن بنى الكلام في العلم: الأصول والفروع على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والعمل والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البدنية على الإيمان والسنة والهدي الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد أصاب طريق النبوة وهذه طريق أئمة الهدى)مجموع الفتاوى (10/ 362)

    11- وقال رحمه الله "... قال عليه الصلاة والسلام :((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله كالتفسير وأصول الدين وفروعه والزهد والعبادة والأخلاق والجهاد وغير ذلك؛ فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة فالإقتداء بهم خير من الإقتداء بمن بعدهم ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما وإذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم فيمكن طلب الحق في بعض أقوالهم ولا يحكم بخطأ قول من أقوالهم حتى يعرف دلالة الكتاب والسنة على خلافه" مجموع الفتاوى"٢٤/١٣"

    12- وقال رحمه الله (ولا تجد إماما في العلم والدين كمالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ومثل الفضيل ، وأبي سليمان ، ومعروف الكرخي وأمثالهم إلا وهم مصرحون بأن أفضل علمهم ما كانوا فيه مقتدين بعلم الصحابة، وأفضل عملهم ما كانوا فيه مقتدين بعمل الصحابة وهم يرون الصحابة فوقهم في جميع أبواب الفضائل والمناقب والذين اتبعوهم من أهل الأثارة النبوية وهم أهل الحديث والسنة العالمون بطريقهم المتبعون لها وهم أهل العلم بالكتاب والسنة في كل عصر ومصر فهؤلاء هم أفضل الخلق من الأولين والآخرين)شرح العقيدة الأصبهانية ص631

    13- وقال (فالصواب ما قضى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب *وإذا ظهر صواب الصحابة في مثل هذه المشكلات التي خالفهم فيها مثل أبي حنيفة ومالك والشافعي فلأن يكون الصواب معهم فيما وافقهم فيه هؤلاء بطريق الأولى وقد تأملت من هذا الباب ما شاء الله فرأيت الصحابة أفقه الأمة وأعلمها واعتبر هذا بمسائل الأيمان بالنذر والعتق والطلاق وغير ذلك ومسائل تعليق الطلاق بالشروط ونحو ذلك وقد بينت فيما كتبته أن المنقول فيها عن الصحابة هو أصح الأقوال قضاء وقياسا وعليه يدل الكتاب والسنة وعليه يدل القياس الجلي وكل قول سوى ذلك تناقض في القياس مخالف للنصوص. وكذلك في مسائل غير هذه مثل مسألة ابن الملاعنة ومسألة ميراث المرتد. وما شاء الله من المسائل لم أجد أجود الأقوال فيها إلا الأقوال المنقولة عن الصحابة.
    وإلى ساعتي هذه ما علمت قولا قاله الصحابة** ولم يختلفوا فيه إلا وكان القياس معه لكن العلم بصحيح القياس وفاسده من أجل العلوم وإنما يعرف ذلك من كان خبيرا بأسرار الشرع ومقاصده؛ وما اشتملت عليه شريعة الإسلام من المحاسن التي تفوق التعداد؛ وما تضمنته من مصالح العباد في المعاش والمعاد؛ وما فيها من الحكمة البالغة والرحمة السابغة؛ والعدل التام. والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب)

    مجموع الفتاوى (20/ 582)
    ___________
    *يقصد في مسألة زوجة المفقود الذي لا يُعلم أين هو.

    ** يقصد ولو كان المنقول عن واحد منهم لأنه ذكر هذا الكلام بعد فتوى عمر رضي الله عنه في مسألة لم يَنقل الأئمة فيها عن الصحابة إلا قول عمر.
    حكم

    ١٤- وقال رحمه الله (وفضيلة العلم ومعرفة الصواب أكمل الفضائل وأشرفها وهذا ظاهر لمن تأمله فإنه وصمة على الأمة أي وصمة أن يكون الصديق أو الفاروق وغيرهما قد أخبر أن حكم الله كيت وكيت في مسائل كثيرة وأخطأوا في ذلك ولم يشتمل قرنهم على ناطق بالصواب في تلك المسائل حتى نبغ من بعدهم فعرفوا حكم الله وأصابوا الحق عند الله؛ إن هذا مما يعلم قطعا أنه محال على هذه الأمة...
    إن صورة المسألة إذا لم يكن في المسألة حديث عن النبي ولا اختلاف بين أصحابه وإنما قال بعضهم فيها قولا ولم يعلم أنه اشتهر في الباقين ولا أنهم خالفوه فنقول:
    من تأمل المسائل الفقهية والحوادث الفروعية وتدرب في  وتصرف في مداركها علم قطعا أن كثيرا منها قد تنحسم فيها وجوه الرأي بحيث لا يوثق فيها بظاهر مراد أو قياس جيد ينشرح له الصدر ويثلج له الفؤاد أو تتعارض فيها الظواهر والأقيسة على وجه يقف المجتهد في أكثر المواضع حتى لا يبقى للظن رجحان بيِّن خصوصا إذا اختلف فيها الفقهاء
    -وعلومهم من الأئمة المشهورين  من أوفر العقول وأكثر العلوم-
    فإذا تلددوا لم يكن ذلك وفي المسألة طريقة واضحة فإذا وجد فيها قول الفقهاء الصحابة كان الظن بأن الصواب في جنبه أقوى الظنون والرأي الذي يوافق رأيه أسد الآراء.

    ومن كان إنما مطلوبه في الحادثة ظن راجح ولو استند إلى استصحاب أو قياس دلالة أو شبه أو عموم مخصوص وارد على سبب فلا يشك أن الظن الذي يحصل لنا بقول صحابي لا مخالف أرجح من الظنون المستندة إلى مجرد هذه الأمور.

    واعم أن حصول الظن الغالب في القلب ضروري لحصول العلم ومشاهدة الطريقة، على أن من تأمل واجتهد وعرف طرق الفقه وأحوال الصحابة وجد ظنا ضروريا بقوة ما يقوله الصحابي على من يخالفه) ص552-545 تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل

    الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى:
    قال رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين
    1- (الأئمة متفقون على تحريم الفتوى بخلاف ما أفتى به الصحابة ووجوب اتباعهم في فتاويهم وأن لا يخرج من جملة فتاويهم) انتهى بمعناه نقلا من إعلام الموقعين 64/1 دار الكتب العلمية

    2- قال رحمه الله (كيف نكون نحن وشيوخنا ومن قلدناه أسعد بالصواب من الصحابة في مسألة من المسائل ومن حدث نفسه بهذا فليعزلها عن الدين والعلم) إعلام الموقعين

    3-(انه لم يزل اهل العلم في كل عصر ومصر يحتجون بما هذا سبيله في فتاوي الصحابة وأقوالهم ولا ينكره منكر منهم وتصانيف العلماء شاهدة بذلك ومناظرتهم ناطقة به
     قال بعض علماء المالكية:"أهل الأعصار مجمعون على الاحتجاج بما هذا سبيله وذلك مشهور في رواياتهم وكتبهم ومناظراتهم واستدلالاتهم ويمتنع والحالة هذه إطباق هؤلاء كلهم على الاحتجاج بما لم يشرع الله ورسوله الاحتجاج به ولا نصبه دليلا للأمة "

    فأي كتاب شئت من كتب السلف والخلف المتضمنة للحكم والدليل وجدت فيه الاستدلال بأقوال الصحابة ووجدت ذلك طرازها وزينتها ولم تجد فيها قط ليس قول أبي بكر وعمر حجة ولا يحتج بأقوال أصحاب رسول الله وفتاويهم ولا ما يدل على ذلك وكيف يطيب قلب عالم يقدم على أقوال من وافق ربه تعالى في غير حكم فقال وأفتى بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام ونزل القرآن بموافقة ما قال لفظا ومعنى، قول متأخر بعده ليس له هذه الرتبة ولا يدانيها وكيف يظن احد ان الظن المستفاد من فتاوي السابقين الاولين الذين شاهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التأويل وكان الوحي ينزل خلال بيوتهم وينزل على رسول الله وهو بين أظهرهم ... فمستندهم في معرفة مراد الرب تعالى من كلامه ما يشاهدونه من فعل رسوله وهديه الذى هو يُـفصّـل القرآن ويفسره فكيف يكون أحد من الأمة بعدهم أولى بالصواب منهم في شئ من الاشياء هذا عين المحال)

    4- وقال رحمه الله(وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي) 123/4
    ونقلنا عن العلائي أعلاه إجماع التابعين على ذلك.ويقصد ابن القيم رحمه الله أن أئمة السلف من التابعين وأتباعهم كالإمام مالك ومن أخذ عنهم كطبقة الإمام الشافعي وأحمد وأمثالهم لا خلاف بينهم في أنه لو كان لدينا في مسألة قول صحابي واحد غير مخالف للنص من كل وجه من الوجوه أن الأئمة على قبول الأخذ بها وإفتاء الناس بها

    5- ثم ظهر بعد هذه القرون من خالفهم فقال رحمه الله موضحا الحال الذي آل إليه الناس:
    وإن لم يخالف الصحابي صحابيا آخر فإما أن يشتهر قوله في الصحابة أو لا يشتهر، فإن اشتهر فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء أنه إجماع وحجة، وقالت طائفة منهم: هو حجة وليس بإجماع، وقالت شرذمة من المتكلمين وبعض الفقهاء المتأخرين: لا يكون إجماعا ولا حجة، وإن لم يشتهر قوله أو لم يعلم هل اشتهر أم لا فاختلف الناس: هل يكون حجة أم لا؟ فالذي عليه جمهور الأمة أنه حجة هذا قول جمهور الحنفية، صرح به محمد بن الحسن، وذكر عن أبي حنيفة نصا، وهو مذهب مالك، وأصحابه، وتصرفه في موطئه دليل عليه، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبي عبيد، وهو منصوص الإمام أحمد في غير موضع عنه واختيار جمهور أصحابه، وهو منصوص الشافعي في القديم والجديد) إعلام الموقعين عن رب العالمين  


    الإمام ابن رجب البغدادي ثم الدمشقي (ت٧٩٥هـ):
    (فالعلم النافع من هذه العلوم كلها ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها والتقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث، وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام، والزهد، والرقائق، والمعارف، وغير ذلك والاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أولا، ثم الاجتهاد على الوقوف في معانيه وتفهمه ثانياً. وفي ذلك كفاية لمن عقل، وشغلٌ لمن بالعلم النافع عُـنِيَ واشتغل. ومن وقف على هذا وأخلص القصد فيه لوجه الله عز وجل واستعان عليه أعانه وهداه ووفقه وسدده وفهمه وألهمه. وحينئذ يثمر له هذا العلم ثمرته الخاصة به وهي خشية اللَه كما قال عز وجل (إِنَّما يَخشى اللَهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ) قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره "كفى بخشية اللَه علما وكفى بالاغترار باللَه جهلا"...) من رسالته فضل علم السلف ص ٦

    وقال رحمه الله (وكان السلف-من الأئمة كالأئمة الأربعة- رضي الله عنهم لقرب عهدهم بزمن النبوة وكثرة ممارستهم كلام الصحابة والتابعين ومن بعدهم يعرفون الأحاديث الشاذة التي لم يُـعْـمَـل بها ويطرحونها ويكتفون بالعمل بما مضى عليه السلف ويعرفون من ذلك ما لم يعرفه من بعدهم ممن لم تبلغه السنن إلا من كتب الحديث لطول العهد وبعده) مجموع رسائل الحافظ 632/2


    وقال رحمه الله مبينا متى يطبق المؤمن قوله عليه الصلاة والسلام
    (البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإيمان ما لم تسكن إليه النفس ولم يطئن إليه القب وإن أفتاك المفتون) وقله عليه الصلاة والسلام (إذا حاك في صدرك شيء فدعه) فقال
    ((وأما ما ليس فيه نص من الله ورسوله ولا عـمَّـن يقتدى بقوله من الصحابة وسلف الأمة فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان المنشرح صدره بنور المعرفة واليقين منه شيء، وحكّ في صدره لشبهة موجودة، ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه، وهو ممن لا يوثق بعلمه وبدينه، بل هو معروف باتباع الهوى، فهنا يرجع المؤمن إلى ما حكَّ في صدره
    وإن أفتاه هؤلاء المفتين) 
    جامع العلوم والحكم

    فانظر رحمك الله كيف جعل وجود الأصل من السنة أو فتوى الصحابة مانعا لك في اتباعك ما حاك في نفسك وأن مناط العمل بقوله عليه الصلاة والسلام (إذا حاك في نفسك شيء فدعه )  إذا لم تجد سنة من النبي أوكلام صحابته ومثال ذلك إذا وجدنا رجل رغم تعبه لمرض أو سفر يصوم في رمضان، فإذا قلنا له افطر فيقول إن هذا يحك في نفسي فأنا أدعه فنقول له لا يجوز لك أن تتبع ما حاك في نفسك وقد ثبت الحديث عند أئمة الإسلام بجواز الإفطار لمرض أوسفر .
    ونفس هذا الحال إذا كان لدينا فتاوى للصحابة فإنه يدع ما حاك في نفسه ويتبع الصحابة وإنما مناط الحديث كما بينه ابن رجب رحمه الله إذا لم يكن لديك في المسألة حديث أو أثر مع الضابط الذي ذكره لك رحمه الله
    وهذا يذكرني بقول إمام الكوفة سفيان الثوري رحمه الله (التشديد يستطيعه أي أحد، وإنما الرخصة  من إمام) أو كما قال رحمه الله.

    هناك 5 تعليقات:

    غير معرف يقول...

    جزاكم الله خيرا و نفع بكم

    AlSahabah يقول...

    وإياكم والقارئين
    اللهم آمين

    mohager يقول...

    جزيتم كل خير وزادكم الله من فضله واحسن الله اليكم

    ahmadalathare يقول...

    درر لا يدركها إلا من استضاء بنور العلم ... فجزى الله جامعها

    ahmadalathare يقول...

    درر لا يدركها إلا من استضاء بنور العلم .. لا حرم الله جامعها من الأجر