(( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)) التوبة:100."أسئلة تتعلق بالآية أوجهها لكل مسلم"

(( ومن يشاقـق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) النساء:115.

>> قال الإمام أبو حنيفة : (ما بلغني عن صحابي أنه أفـتى به فـأقـلـده ولا أسـتجـيز خلافه)كتاب شرح أدب القاضي (1 / 185-187)
وكل أئمة الإسلام على هذا المنهج في اتباع الصحابة وهنا البيان فضلا إضغط هنا

الجمعة، 18 نوفمبر 2016

ذِكرك للشر قد يجره إليك



قال الله جل في علاه
( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم)
 وقال 
(لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) 
وقال 
(والذين هم عن اللغو معرضون)

أخرج الإمام البخاري رحمه الله
عن ابن عباس، أنه قال: ذكر المتلاعنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف،
 - في الروايات الأخرى أنه سأل عن الرجل يجد مع امرأته رجلا فكره عليه الصلاة والسلام المسائل وعابها -
فأتاه رجل من قومه، فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلا،
فقال عاصم رضي الله عنه:
(ما ابتليت بهذا الأمر إلا لقولي)


قال الحافظ ابن حجر الشافعي ت852هـ رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري:
(وفيه أن البلاء موكل بالمنطق وأنه إن لم يقع بالناطق وقع بمن له به صلة)

وكأنّ ابن مسعود رضي الله عنه وافق عاصم في قوله ؛ فقد قال بعد أن حكى قصة عاصم
(فابتلى به ذلك الرجل من بين الناس) رواه مسلم

ولهذاوغيره قال ابن مسعود رضي الله عنه:
(البلاء مُوَكّل بالكلام)

فلتحذر يا مسلم أن تسأل عن أشياء بعيدة الحدوث إساءة منك الظن بربك أو فيها ما فيها من العيب على إخوانك أو الشر فتتكلم احتقارا للناس وتبرئة لنفسك عُجْبا بها فيصيبك ذلك الأمر 

ولهذا جاء عن التابعي الجليل الإمام الفقيه  إبراهيم النخعي وهوالذي روى لنا هذا الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه والقصة أيضا، أنه قال

(إني لأرى الشيء مما يعاب ما يمنعني من عيبه إلا مخافة أن أبتلى به)
وقال أيضا
( إني لأرى الشر أكرهه ، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به )

وقال أيضا
(إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن ابتلي به)

وهو أيضا الذي روى عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله 
(لو سخرت من كلب خشيت أن أحول كلبا)

قال أبو موسى رضي الله عنه
(لو رأيت رجلا يرضع من شاة في الطريق فسخرت منه؛ خفت أن لا أموت حتى أرضعها)

وهذه الآثار كلها رواها الأئمة في كتب (الزهد) كوكيع ت197هـ و هنّاد ت243هـ وغيرهم رحمهم الله عليهم
وأيضا في كتب ابن أبي الدنيا ت281هـ رحمه الله مثل كتاب (الصمت) و كتاب (العقوبات) وغيرها
                                                                                
ومن المفيد أن نختم بأقوال النبي وأصحابه والتي جاءت في بيان خطر اللسان 
ذكرها الحافظ المنذري الشافعي ت 656هـ رحمه الله في كتابه الترغيب والترهيب بتحقيق الألباني

فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه ارتقى الصفا، فأخذ بلسانه فقال:
يا لسان! قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم
ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"أكثر خطايا  ابن آدم في لسانه".


أن عمر دخل يوما على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهو يجبذ لسانه! فقال عمر: مه! غفر الله لك. فقال له أبو بكر:
إن هذا أوردني  الموارد، إن رسول الله - صلى الله عليه ولم - قال:
"ليس شيء من الجسد إلا يشكو ذرب اللسان على حدته".
ذَرَب اللسان أي شدته وفحشه وشره

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.

وأخيرا قال عليه الصلاة والسلام: 
"من صمت نجا"

يمكنكم أيضا قراءة تدوينة أخرى لها صلة بالموضوع ( هدي الصحابة رضي الله عنهم في كلامهم )


والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات رب العالمين






الأحد، 9 أكتوبر 2016

ميراث النبي صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة رضي الله عنه:
(أنه مرّ بسوق المدينة فوقف عليها فقال: يا أهل السوق! ما أعجَزَكم! 
قالوا: وما ذاك يا أَبا هريرة؟ 
قال: ذاك ميراثُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقسَم، وأنتم هاهنا؛ ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه؟ 
قالوا: وأين هو؟
 قال: في المسجد،
 فخرجوا سراعاً، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، 
فقال لهم، ما لكم؟
 فقالوا: يا أبا هريرة! قد أتينا المسجد فدخلنا فيه، فلم نرَ فيه شيئاً يُقسم! 
فقال لهم أبو هريرة: وما رأيتم في المسجد أحداً؟
 قالوا: بلى؛ رأينا قوماً يصلون، وقوماً يقرؤون القرآن، وقوماً يتذاكرون الحلالَ والحرامَ، 
فقال لهم أبو هريرة: ويحكم! فذاكَ ميراثُ محمد صلى الله عليه وسلم )

رواه الطبراني في "الأوسط" وحسنه الحافظ ا لمنذري والشيخ الألباني رحمهما الله

وهذا الأثر يذكرني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
(من سلك طريقاً يلتمِسُ فيه علماً سهّلَ الله له طريقاً إلى الجنّةِ، وإن الملائكةَ لتضَعُ أجنحتها لِطالبِ العلم رِضاً بما يصنع، وإن العالِمَ ليَسْتَغْفِرُ له من في السمواتِ ومَن في الأرضِ، حتى الحيتانُ  في الماءِ، وفضلُ العالم على العابد كفضل القمرِ على سائر الكواكب، وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يُورِّثُوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورَّثُوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍ وافرٍ(
أخرجه أبو داود وابن ماجة والترمذي والدارمي


ويشهد لمعنى هذا الحديث، أحاديث أخرى وآثار عن الصحابة والسلف مبثوثة في أبواب العلم من الكتب الستة وكتب آداب العلم مثل (جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر وكتاب الفقيه والمتفقه وكتاب الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع كلاهما للخطيب البغدادي وكتاب المدخل للسنن للبيهقي وكتاب العلم لإبي خيثمة النسائي وهو أصغرها حجما لا تزيد أخباره عن 200 خبر تقريبا بين حديث وأثر)

الاثنين، 3 أكتوبر 2016

استدامة النظر في المصحف قراءة وتدبرا


قال تعالى
(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)


قال الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة * (159-235هـ) رحمه الله في مصنفه:

حدثنا ابن عُـلـَـيّـة عن يونس قال 
(كان خلق الأولين النظر في المصاحـف) (1)
صحيح على شرط مسلم ورجاله رجل الصحيحين

حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان عن عاصم عن زر ، قال:
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
(أديموا النظر في المصحف) (2)
صحيح على شرط البخاري


انتهى النقل من كتاب الحافظ ابن أبي شيبة


هذا الخلق من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يذكرني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم 
(من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف)

صححه الألباني في السلسلة الصحية رقم 2342


فهذا التابعي الجليل إمام البصرة يونس بن عبيد رحمه الله يخبرنا بخلق الصحابة والتابعين وهو إدامة النظر في المصحف كيف لا يكون وهو سبيل حب الله ورسوله وهي وصية ابن مسعود رضي الله عنه باستدامة النظر في المصحف.

وأنا أكتب هذه الكلمات تذكرت ما قاله ابن تيمية رحمه الله
(فإذا افتقر العبد إلى الله ودعاه وأدمن النظر في كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين انفتح له طريق الهدى)

ولو قرأنا في تراجم الأئمة كالشافعي وغيره نجد أن هذا هو خلقهم ودأبهم كثرة النظر والتدبر في القرآن وفي مناقب الشافعي لابن أبي حاتم أو البيهقي أنهم حدثوه باستغرابهم من طول قراءته للقرآن من بعد الصلاة الفجر إلى قرابة الظهر فقال لهم : (إنه شغلكم الفقه ومسائله عن القرآن).

ولكي يكون المؤمن على هذا الخلق نجد أن الشرع الحكيم قيد له جدا مسألة اللهو وعظم له الحفاظ على الوقت حتى لا يشغله شاغل عن القرآن والتدوينات التي مرت معنا في قسم القرآن بالمدونة دليل كبير على أن هذا.

ومما قرأته في كتب المذاهب الأربعة أو بعضها استدلالهم  بهذا الأثروبغيره من الأدلة أن القراءة من المصحف أفضل من القراءة غيبا.

هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المرسلين وخاتمهم النبي الأمين.
_________________________________

* هوالإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن إبراهيم الواسطي الكوفي ويقال عبسي ونسبته لهم نسبة ولاء، وهو شيخ البخاري ومسلم فهو أحد أربعة ينتهي إليهم علم الحديث في عصرهم. روى عن جمع من أئمة الإسلام كسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك ووكيع وخلق كثير غيرهم، قال عنه الحافظ ابن كثير(ت774هـ) رحمه الله :(أحد الأعلام وأئمة الإسلام وصاحب المصنف الذي لم يصنف أحد مثله قط لا قبله ولا بعده) ومصنفه هذا من أغنى الكتب بفتاوى الصحابة والسلف ودررهم وفتاويهم وهديهم.

(1) إسماعيل بن إبراهيم بن عـُلَية أحد الأئمة الكبار حتى قال فيه الإمام أحمد أنه فاته الإمام مالك لكن الله  عوضه بإسماعيل بن علية. وهو مشهور بابن علية، ومما يجدر الإشارة والتنبيه إليه أن ابنه إبراهيم من أئمة المعتزلة صاحب المعتزلي الأصم، وهذا ذكرته حتى لا يحصل الاختلاط بينهم، فكل منهم ينسب بابن علية.

(2)  أديموا من الاستدامة والمداومة على الشيء والمصحف كما في لسان العرب
     (المُصحف والمِصحف الجامع للصحف المكتوبة بين دفتين).

كيف تعلموا العلم والعمل جميعا


عن التابعي الجليل الإمام أبو عبد الرحمن السلمي (ت70هـ) رضي الله عنه قال:

(حدثنا اللذين يقرئوننا* أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلي الله عليه وسلم فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يُخلــِّــفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً [وإنه سيرثه بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم]).
أخرجه إمام المفسرين ابن جرير الطبري الشافعي ت310هـ رحمه الله في تفسيره (82) وابن سعد في الطبقات (6/172) بنحوه
وما بين الأقواس له وأخرجه عبدالرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما وغيرهم
وصححه أيضا الحاكم والشيخ أبو إسحاق الحويني في مقدمة تفسير ابن كثير ص7  

 *يقصد الصحابة الذين أخذ عنهم القرآن كعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم

بهذا نالوا رضا الله ومحبة رسوله

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال


جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم


فقالوا:
أن ابعث رجالا يعلمونا القرآن والسنة


فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم
الــقـُـــرّاء
فيهم خالي حرام
(يقصد أن من القراء خاله واسمه حرام)



يقرؤن القرآن ويتدارسون بالليل يتعلمون
وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ويحتطبون فيبيعونه
ويشترون الطعام لأهل الصفة وللفقراء


فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم
(أي بعثهم إلى الناس الذين طلبوا منه أن يبعث لهم من يعلمهم القرآن والسنة)


فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان
(أي أن أولئك الناس أظهروا الإسلام ليبعث لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه فيقتلوهم)


فقالوا
(أي الصحابة الذين قتلوا)


اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا


قال
وأتى رجل حراما (خال أنس) من خلفه فطعنه برمح حتى أنفده


فقال حرام:


فـزت ورب الـكــعــبــة


فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه


إن أخوانكم قد قتلوا وإنهم قالو: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا

فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن حزنا قط أشد منه
وقال
فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وجد على شيء ما وجد عليهم
(أي على القتلة)،
فقنت شهرا في صلاة الفجر يدعوا عليهم
أخرجه البخاري بأكثر من رواية عن أنس والإمام مسلم وغيرهما

انظر أيها المسلم إلى عظم جهاد هؤلاء في تعلم القرآن
ففي النهار يعملون لكسب عيشهم ثم يذهبون يتصدقون ويخدمون أهل الصفة وهم فقراء الصحابة الذين كان المسجد بيتهم
ثم في الليل يتعلمون القرآن
وجاءت في روايات أخرى أنهم كانوا يتعاونون بأن يطلب نصفهم الرزق في النهار، والنصف الآخر يلازم النبي صلى الله عليه وسلم
ليتعلمون منه، ثم يتقابلون بعدما يستيقظون في الليل ليتعلم من طلب الرزق منهم، ممن لازم النبي عليه الصلاة والسلام
وفي اليوم الثاني يتبادلون الأدوار فمن طلب الرزق في اليوم السابق هو الذي يلازم النبي صلى الله عليه وسلم


وفي هذه القصة بيان صبر الأزواج على بعضهم في حياتهم الزوجية في سبيل طلب العلم

وفيه هذه القصة بيان الحياة التي يجب أن يكون عليها المؤمن من الجد والاجتهاد في العلم أولا ثم العمل به ثانيا ثم التواصي بهذا الحق ثانيا ثم الصبر على ذلك وفي غيره الخسارة قال تعالى
(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

وفي هذه القصة بث روح الأمل مهما كان على المسلم من المسؤولية فها هم هؤلاء الصحابة لم يشغلهم عن القرآن كسب الرزق ولا خدمة اخوانهم ولا أسرهم أن يستيقظوا في الليل للعلم

وفي هذه القصة بيان تضحيتهم بالرزق في مقابل التعلم لأنه كما يخفى أن الإنسان الذي يعمل كل يوم لن يكون رزقه كمن يعمل يوم ويترك يوم وفوق هذا هم يتقاسمون الرزق بينهم فكأن الواحد منهم قد استغنى عن نصف دخله الشهري بل أكثر لأنهم كانوا يطعمون الفقراء من أهل الصفة.


وفي هذه القصة أعظم البشارة لمن عاش هذه الحياة
فقد كان مصيرهم بعد موتهم أن رضي الله عنهم ورضوا عنه
بل واستجاب الله لهم طلبهم
بإبلاغ أحبابهم من أهل الدنيا بفوزهم برضا الله سبحانه وتعالى


اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
واجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا
إنك ربنا أنت الله الرحمن الرحيم
فتولنا برحمتك ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين
اللهم صل على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا
لا إله إلا أنت سبحان إنا كنا ظالمين







تقديم قراءة القرآن على الصيام

سُـئِــلَ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

إنك لَـتـُـقِـل الصيام؟!!
                                                   فــقــــال:

(إني أخاف أن يضعفني عن القراءة -أي قراءة القرآن-، والقراءة أحب إليّ من الصيام)

                                                                   رواه الإمام سعيد بن منصور في سننه

                                                                                    صححه الحافظ ابن حجر الشافعي في                                                                                       كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري


هذا الأثر عن هذا الصحابي الإمام العالم الرباني، الذي رضي نبينا لأمته ما ارتضاه ابن مسعود لها، جعلني أبكي لحالنا مع القرآن
فهم يتركون الصيام حتى لا تضعف أبدانهم فيقل نصيبهم من القرآن يتركون الصيام الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام أن صيام يوم يبعدك عن النار سبعين سنة يدعونه للقرآن 
ونحن لا ندع اللهو من (أفلام/مباريات رياضية/مجالس الأحباب/ألعاب الفيديو...إلخ) ولو مضى اليوم واليومان ولم نقرأ القرآن وبعضنا الأسبوع والاسبوعان
وهذا حالنا مع القراءة ناهيكم عن الفهم ثم التدبر ولهذا قست قلوبنا وساءت أخلاقنا وضعف إيماننا وزادت غـفـلـتـنا فإن أردنا من الله أن يهدينا لسبل الخير الموصلة إليه في الدنيا والآخرة يجب علينا أن نجاهد نفسنا في القرآن
قال تعالى
 (واللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

وحتى نعلم عظم القرآن ومنزلته عند الصحابة وكيف كانت حياتهم معه وكيف رباهم الله ثم رسوله على القرآن  ومدى انشغالهم بالقرآن وتعلق قلوبهم به جمعنا وما زلنا نجمع آثارهم في القرآن في قسم القرآن بالمدونة فضلا اضغط هنا 

 هذا فما كان من خطأ فهو من الشيطان أو نفسي وما كان من صواب فهو من فضل الله ورحمته وحده لا شريك له فله الحمد في الآولى والآخرة والصلاة والسلام على المرسلين وخاتمهم النبي الأمين

الإيمان ثم القرآن وتعلم الدّرر قبل زيادة السّـور


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال:

لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن
وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم
 فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن.

ثم قال :
لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته
ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ينثره نثر الدقل"

أخرجه الحاكم (1/35) والبيهقي في السنن الكبري (3/120) وابن منده في الإيمان (2/369/207) والهروي في ذم الكلام (5/143/1458)
قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة ووافقه الإمام الذهبي
وقال ابن منده: "هذا إسناد صحيح على رسم مسلم والجماعة إلا البخاري"



كل عبادة عذر الله أهلها إلا الذكر

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما  في قوله تعالى :

(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا)

إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما
ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر
فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على تركه

فقال : (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم)[النساء:١٣٠]

بالليل والنهار في البر والبحر وفي السفر والحضر
والغنى والفقر والسقم والصحة والسر والعلانية وعلى كل حال 

وقال عز وجل : (وسبحوه بكرة وأصيلا) 

فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته. اهـ

أخرجه إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره بسند ثابت 
راجع تفسير ابن  كثير ففيه فوائد عظيمة تحت هذه الآية

ولتمام الفائدة أنقل لكم الآيات كاملة من سورة الأحزاب [٤١-٤٤]

(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا* هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما)

هذه الآية نداء من الله لعباده المؤمنين
يوضح لهم الحياة التي يريدها منهم
وأن بها خروجهم من ظلمات العادات والتقاليد والأفكار والمعتقدات 
إلى نور الإيمان
والنهاية هي لقاء الله عز وجل وتحيتنا في هذا اللقاء سلام وأجر منه كبير

وليتمكن المسلم من تحقيق ذلك يجب عليه أن يمتثل آيتين ويجاهد نفسه عليهما مستحرضا قوله عليه الصلاة والسلام ما معناه أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وقوله المجاهد من جاهد نفسه في مرضاة الله
قال تعالى :
(فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم) سورة النجم:٢٩
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) سورة الكهف:٢٨

فمن الناس من تلازمه دهرا لا يفيدك في دينك شيئا
 لا يذكرك بسنة ولا بدعة ولاتوحيد ولا شرك ولا طاعة ولا معصية
لأن قلبه شغل بغير ذلك فعلمه فيه، فينضح بما ملأ منه قلبه، نسأل الله العفو العافية واليقين

وختاما أجد قلبي يلزمني إلزاما أن أذكر قوله عليه الصلاة والسلام:
((ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تِـرَة ً؛ فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم))
حسنه الترمذي وصححه الألباني
((من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كان عليه من الله ترة ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله فيه ، كانت عليه من الله ترة وما مشى أحد ممشىً لم يذكر الله فيه إلا كان عليه من الله ترة))
أخرجه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني



ماذا فعل القرآن بالأشعريين رضي الله عنهم

قال عليه الصلاة والسلام
(إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار)
أخرجه البخاري

فلما كانت هذه حالهم من ملازمتهم للقرآن وهم يسيرون برفقة بعضهم وفي ليلهم
طهر القرآن نفوسهم وأصبحوا كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله
(إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)
أخرجه البخاري


أي أن كل واحد منهم رب أسرة كان أم أعزب، يخرج كل ما عنده مما ادخره فمنهم من ادخر الكثير ومنهم من ادخر القليل ومنهم من لم يدخر شيئا فيجمعون كل ما ادخروه ليتقاسموه بالتساوي فيقل مال ذا السعة منهم ويُكفى بذلك ذا الحاجة منهم حاجته ويكتسب المعدوم ما يكفيه السؤال.
ولا ننسى ما لنسائهم من دور كبير في صبرهم على هذه الحياة من التضحية لأن المرأة تحب الزينة واللباس كما  أنها تحب أولادها حبا كبيرا فلم يدفعهم هذا لمنع ازواجهم، كما في زماننا إن أعان أحدنا أخاه بشيء يسير قالت زوجته معترضة "أنا وأولادي أولى بهذا المال"
وهذا فيه ما فيه من الدلالة على صفاء نفوسهم وحسن الظن بإخوانه فلم يحمل أحدهم ظن السوء أن يقول"وما أدراك أن أخاك يخرج ما عنده" بل أحسن كل منهم الظن بأخيه فأصبح كل منهم يخرج ما عنده ليتقاسموه بالتساوي.
إلى غير ذلك مما فعله القرآن في قلوبهم ونفوسهم فزهدها في الدنيا ورغبها في الآخرة وطهرها من كل ما يكرهه الله
فإن أردنا مجتمعا مسلما يضحي لأجل أمته وإخوانه ويتفانا في ذلك فلا سبيل إليه إلا بالقرآن كما كان الأشعريون وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حتى بلغوا منزلة من أجلها قال النبي عليه الصلاة والسلام 
(فهم مني وأنا منهم).

قال تعالى
(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)


هذا والله أعلم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

ملاحظة
لقراءة باقي التدوينات في قسم القرآن بالمدونة فضلا إضغط
على جملة "راسائل أقدم" تحت الركن السفلي الأيمن من هذه التدوينة

هكذا رباهم الله على القرآن

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال



أنزل الله القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانا

فقالوا:
يا رسول الله لو قصصت علينا

فأنزل الله على رسوله
((ألر تلك آيات الكتاب المبين))
إلى قوله
(( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ))
يوسف آية:٣

فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم زمانا

فقالوا:

يا رسـول الله لـو حـدّثـتـنا

فأنزل الله تعالى

((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني
تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله
ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد))
الزمر آية:٢٣

كل ذلك يؤثـِـرون (وفي رواية)  يؤمرون بالقرآن.


أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن جرير في تفسيره والحاكم في المستدرك
صححه الحاكم ووافقه الذهبي والشيخ الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول

وصية عمر للصحابة عند إرسالهم للكوفة

قال قرظة بن كعب رضي الله عنه
 بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة وشيعنا فمشى معنا إلى موضع يقال له صرار فقال
أتدرون لم مشيت معكم؟
قلنا: لحق صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم ولحق الأنصار
 قال: ( لكني مشيت معكم لحديث أردت أن أحدثكم به وأردت أن تحفظوه لممشاي معكم
إنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل(*)
فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم وقالوا أصحاب محمد
فأقِـلّــوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا شريككم(**))















*وفي رواية (دوي كدوي النحل)


**وفي رواية (فلاتصدوهم بالحديث عن رسول الله وامضوا وأنا شريككم) أي لاتصدوهم عن كثرة القراءة بالإكثار من الأحاديث


أخرجه ابن ماجة والشافعي والحاكم وابن عبد البر والبيهقي وغيرهم
وصححه الحاكم والذهبي وابن كثير والألباني والأرنؤوط



وهذا يذكرنا بتربية الله للصحابة عندما طلبوا من الرسول أن يحدثهم وأن يقص عليهم وقد ذكرنا القصة وما نزل فيها من الآيات في تدوينة سابقة فضلا اضغط هنا 

كما كانت هذه تربية الصحابة للتابعين، الإنشغال بالقرآن وذكرنا مثالا رائعا قصة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مع الإمامين علقمة والأسود وغيرها من القصص والمواقف لنعلم ونتيقن كيف كانت حياة الصحابة مع القرآن وجعلناها بقسم القرآن بالمدونة فضلا اضغط هنا للذهاب لقسم القرآن.

هذا والله أعلم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



وصية عظيمة من ابن مسعود

 قال عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه قال
أصبت أنا وعلقمة صحيفة
فانطلقنا إلى ابن مسعود بها وقد زالت الشمس أو كادت تزول فجلسنا بالباب ثم قال للجارية
انظري من بالباب
فقالت علقمة والأسود
(هما من كبار أئمة التابعين الذين أخذوا العلم من الصحابةعامة ومن ابن مسعود خاصة)
فقال اذني لهما

فقال: كأنكما قد أطلتما الجلوس ؟!
قلنا : أجل

قال ما منعكما أن تستأذنا؟
قالا : خشينا أن تكون نائما

فقال: ما أحب أن تظنا بي هذا إن هذه ساعة كنا نقيسها بصلاة الليل
فقلنا هذه صحيفة فيها حديث حسن
يقصدون من الإسرائيليات أو قصص الناس كما قرأته في بعض الروايات ولا يقصدون أنه حديثا عنه عليه الصلاة والسلام 

فقال:
هاتها يا جارية هاتي الطست فاسكبي فيها ماءً
فجعل يمحوها بيده ويقول:

(نحن نقص عليك أحسن القصص)
يوسف: آية3

فقلنا:
انظر فيها فإن فيها حديثا عجيبا
فجعل يمحوها ويقول

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو عبيد في فضائل القرآن ،
والخطيب البغدادي في تقييد العلم، وابن عبد البر في فضائل القرآن
بإسناد لا بأس به رجاله ثقات غير هارون بن عنترة قال الحافظ "لا بأس به"

وهذا يذكرنا بتربية الله للصحابة على أن لا ينشغلوا بغير القرآن 
كما ذكرنا ذلك في تدوينة سابقة فضلا إضغط هنا
وعلى هذا المنهج كانت تربية الصحابة للتابعين كما سترون هنا في قسم القرآن بالمدونة فرضي الله عنهم علموا الأمة على ما كانوا عليه في عهد رسول الله وجاهدوا وصبروا من قبل ومن بعد قال تعالى:
(رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
 منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)

تنبيه
ابن مسعود العربي الفصيح شبه القلب بالوعاء
فالوعاء كلما ملأته بشيء قل من الآخر فكل شغل بغير القرآن ينقص من نصيب القرآن في القلب
وقال اشغلوها ولم يقل إملؤها لأن هذا هو المراد
لا ننسى أن هذه الوصية مـِن مَـن؟ مِن ابن مسعود، مَن هو ابن مسعود ؟
هو من السابقين الأولين للإسلام ، شهد له الصحابة بأنه من أعلمهم بالقرآن، ومن أكثر الصحابة ملازمة للنبي عليه الصلاة والسلام
حتى يظن من لم يعرفه أنه من آل البيت من كثرة دخوله وخروجه على نبينا يحضر معه إذا غاب الصحابة ويؤذن له إذا منعوا
وهو من أكثر الصحابة مشابهة للنبي عليه الصلاة والسلام في هديه وسمته ودلـِّـه
قال عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام
رضيت لأمتى (وفي رواية لكم) ما رضي ابن أم عبد