(( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)) التوبة:100."أسئلة تتعلق بالآية أوجهها لكل مسلم"

(( ومن يشاقـق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) النساء:115.

>> قال الإمام أبو حنيفة : (ما بلغني عن صحابي أنه أفـتى به فـأقـلـده ولا أسـتجـيز خلافه)كتاب شرح أدب القاضي (1 / 185-187)
وكل أئمة الإسلام على هذا المنهج في اتباع الصحابة وهنا البيان فضلا إضغط هنا

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

نصحية أوصى الخليفة علي رضي الله عنه بحفظها

عن كميل بن زياد النخعي قال:

أخذ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي فأخرجني إلى الجبّان ، فلما أصحرنا، جلس ثم تنفس، ثم قال:

(يا كميل إحفظ عني ما أقول لك
القلوب أوعية وخيرها أوعاها.
الناس ثلاثة:
عالم رباني     ومتعلم على سبيل النجاة
وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن شديد

العلم خير من المال
العلم يحرسك           وأنت تحرس المال
المال يزكو على العمل          والمال تنقصه النفقة
محبة العالم دين يدان بها في حياته    العلم يكسب العالم الطاعة في حياته
وجميل الأحدوثة بعد موته
العلم حاكم والمال محكوم عليه          وصنيعة المال تزول بزواله
مات خزان الأموال وهم أحياء     والعلماء باقون ما بقي الدهر
        أعيانهم مفقودة       وأمثالهم في القلوب موجودة

هاه!
 -وأشار بيده إلى صدره-
إن ها هنا علما ً لو أصبت له حملة، بل أصبته لفتى غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا
أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه
يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك
أو منهوم باللذات سلس القياد للشهوات
أو معرىً بجمع الأموال والإدخار بما يكون عليه بعد موته وبال
ليس من دعاة الدين     أقرب شبها بهم الأنعام

كذلك يموت العلم بموت حامليه

اللهم بلى
لن تخلو الأرض من قائم بحجة الله
لكي لا تبطل حجج الله تعالى وبيناته
أولئك
هم الأقلون عددا الأعظمون عند الله أجرا
بهم يدفع الله حججه حتى يدونها إلى نظرائهم    ويزرعونها في قلوب أشباههم
بهم هجم العلم على حقيقة الأمر فاستهلوا ما استوعر منه المترفون
وأنـِسُـوا بما استوحش منه الجاهلون
صحبوا الدنيا بأبدان ٍ أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى
أولئك
خلفاء الله تعالى في بلاده والدعاة إلى دينه

هاه هاه !!!
شوقا إلى رؤيتهم

واستغفر الله العظيم لي ولك وإذا شئت فقم)

قال الإمام ابن عبد البر: وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغنى عن الإسناد لشهرته عندهم"جامع بيان العلم "145/1"
قال المحدث الخطيب البغدادي: هذا حديث حسن من أحسن الأحاديث معنى وأشرفها لفظا. "الفقيه والمتفقه 50/1"



 وهنا تتضح حقيقة  المسألة وأنها ليست بالأخذ بالقول الأسهل وأخذ العلم من كل من عنده علم وإلا ما أتعب علي رضي الله عنه بكل هذا الوصف والبيان، ولا ننسى أن علي الخليفة الراشد المهدي رضي الله عنه أوصى بحفظ وصيته هذه. 


هذا الأثر بين:
1- صفات الأئمة الذين يقتدى بهم.
2- صفات المؤمنين اللذي استفادوا من العلماء ونشروا هذا العلم
3- بيان كيف يموت العلم بأن يتحمله من لا يتصف بتلك الصفات.
4- بيان قلة عدد أهل الحق كما صرح به أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
5-بيان أصل مهم وهو أنه لا يخلوا زمان من قائم لله بحجة حتى لا تخلوا الأرض من حجج الله وبيناته،
وكل هذا يدفع المؤمن الذي يحب الحق ويريده أن يبحث عن أئمة الإسلام الربانيين الذين اتصفوا بهذه الصفات فالحق لا يعدوهم إلى غيرهم أبدا هم القائمون بحجج الله وبيناته 

قال الإمام أحمد رحمه الله :

قواعد الإسلام أربع: دال ودليل ومبين ومستدل. فالدال: الله تعالى، والدليل: القرآن، والمبين: الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: {لـيبـيّن للناس ما نـُزّل إليهم}والمستدل: أولو الألباب وأولو العلم الذين يجمع المسلمون على هدايتهم، ولا يقبل الاستدلال إلا ممن كانت هذه صفته) العدة في أصول الفقه "135/1"

ولكننا أصبحنا في زمن كما  قال الشاعر
استبدلوا لفظ الفقيه بغيره ***ومن العجيب محدثون دكاترة
والله لو علم الجداد بفعلنا***لاتخذوها في المجالس نادرة
6- قوله "بهم يدفع الله حججه حتى يدونها إلى نظرائهم    ويزرعونها في قلوب أشباههم" بيان كيف يؤخذ العلم وأن أهل العلم يزروعونه في قلوب طلاب العلم وليس بأن يوضع أمام إسمك حرف "د. الفلان " فكم من اغتر بنفسه واغتر الناس به وإلى الله الشكوى.

7-قول علي رضي الله عنه "هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم" فيه إشارة إلى بداية ظهور قلة أهل الحق وقبل هذا قوله عن علمه (لو أصبت له حملة) وفيه بيان شدة حب علي رضي الله عنه لأهل الحق حتى يصل إلى الشوق لرؤيتهم فمن لم تكن فيه صفة حب أهل الخير العاملين به فليراجع دينه قال عليه الصلاة والسلام :


(أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) السلسلة الصحيحة برقم998 


وفي هذا الأثر من البلاغة وانتقاء الكلمات والتراكيب ما لها دلالات عظيمة ولو أردنا بيانها لطال الخطاب والله المستعان.

أسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا
 ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان
 إن ربنا سميع قريب مجيب الدعاء
إنه بعباده رؤوف رحيم

هذا والله أعلم والصلاة والسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.





الاثنين، 10 ديسمبر 2012

نهر الجنة والحور العين


 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى

قيام متقابلات يغنين
            بأحسن أصوات يسمعها الخلائق
                        حتى ما يرون أن في الجنة لذة مثلها

قلنا:

 يا أبا هريرة وما ذاك الغناء؟

قال:

إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب عز وجل 

 رواه البيهقي موقوفا  وصححه الألباني  في الترغيب والترهيب
ا 

بدعة صنعة أهل الميت طعاما واجتماع الناس عندهم


جرير بن عبد الله البجلى رضي الله عنه قال :
(كنا نَـعُـدّ (وفي رواية : نرى) الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة)
أخرجه أحمد ( رقم 6905 ) وابن ماجه ( 1/490 ) والرواية الاخرى له وإسناده صحيح على شرط الشيخين 
 وصححه الشافعي والبوصيري في ( الزوائد ) والنووي  وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير والألباني وابن باز رحمهم الله

 والسنة أن يصنع لأهل الميت من أقرباء أو جيران طعاما يشبعهم
لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال
لمّا جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(اصنعوا لآل جعفر طعاما
فقد أتاهم أمر يشغلهم ، أو أتاهم ما يشغلهم )  
 صححه الحاكم والذهبي وحسنة الترمذي والألباني


قال النووي (ت٦٧٦هـ)علامة الشافعية في زمانه ومرجع الشافعية في زماننا رحمه الله:
( وأما الجلوس للتعزية ، فنص الشافعي والمصنف وسائر الاصحاب (يقصد الشافعية) على كراهته ، قالوا : يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية ، قالوا : بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها )( المجموع ) ( 5 / 306 )
ونص الامام الشافعي الذي أشار إليه النووي هو) : ( وأكره المآتم ، وهي الجماعة ، وإن لم يكن لهم بكاء ، فإن ذلك يجدد الحزن ، ويكلف المؤنة ، مع ما مضي فيه من الاثر) (يقصد أثر جرير أعلاه)  (الام ) ( 1 / 248
 قال النووي: ( واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر وهو أنه محدث )
يقصد أنه بدعة لم تكن من فعل القرون المفضلة (الصحابة، التابعين، أتباع التابعين)ولا هدي خاتم النبيين.

وقال أبو بكر الطرطوشي المالكي ت531هـ
(قال علماؤنا المالكيون: التصدي للعزاء بدعة ومكروه، فأما إن قعد في بيته أو في المسجد محزونا من غير أن يتصدى للعزاء؛ فلا بأس به...
قال مالك: " ولا بأس أن يبعث إلى أهل الميت طعام، وسواء فيه القريب والبعيد..."


...فأما إذا أصلح أهل الميت طعاما ودعوا الناس إليه؛ فلم ينقل فيه عن القدماء شيء، وعندي أنه بدعة ومكروة)170

وكذا نص ابن الهمام الحنفي (ت٨٦١هـ) يرحمه الله في موسوعته في الفقه الحنفي "شرح الهداية":
على كراهة اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت وقال : ( وهي بدعة قبيحة ) ( 1 / 473 ) 


وهو مذهب الحنابلة كما في ( الانصاف ) ( 2 / 565 )

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى

 " أَمَّا صَنْعَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يَدْعُونَ النَّاسَ إلَيْهِ فَهَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا هو بدعة "

   وعلى هذا  فتوى الشيخ بن باز (الفتاوى 5/345)
والشيخ محمد بن صالح العثيمين (فتاوى إسلامية 2-48)والشيخ الفوزان (الملخص الفقهي 1/215)
ببدعية العزاء بصورته المتعارف عليها عند الناس اليوم  ]]
وأظن أن هناك فتوى للجنة الدئمة توافقهم والله أعلم سأبحث عنها بإذن الله


مع هذا كله وانتشاره  عند الناس تذكرت ما صح عن ابن مسعود موقوفا وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حكما أنه قال :

 ( كيف أنتم إذا لبستكم فتنة
يهرم فيها الكبير       ويربو فيها الصغير        ويتخذها الناس سنة
إذا ترك منها شيء قيل : تركت السنة ؟ )
قالوا : ومتى ذاك ؟
قال : (إذا ذهبت علماؤكم    وكثرت قراؤكم      وقلت فقهاؤكم
وكثرت أمراؤكم           وقلت أمناؤكم
والتمست الدنيا بعمل الآخرة         وتفقه لغير الدين) 
رواه الدارمي ( 1 / 64 ) بإسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن والحاكم ( 4 / 514 ) وغيرهما
وقد ذكرت في تدوينات سابقة من قبل (هنا و هنا ) تصريح الصحابة رضي الله عنهم شدة التغير الذي حصل في آخر عهدهم عما كان عليه الدين على عهد رسولنا عليه الصلاة والسلام فلا تستغرب غربة الحق بعد 1400سنة من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام  وهنا سنستشعر قوله عليه الصلاة والسلام:
(بدأ هذا الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء
قالوا :
ومن الغرباء يا رسول الله ؟
قال : ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممّن يطيعهم)
أخرجه الإمام أحمد وغيره
وصححه علامة مصر الشيخ أحمد شاكر والألباني في سلسلته الصحيحة

قال تعالى : 
(قل لا يستوي الخبيث ولا الطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب)

يخبرنا الله أنه إذا ثبت لدينا بالحجة التي أرتضاها الله لنا، معرفة الخبيث من الطيب
فلا يغرك الخبيث لأن له كثرة، وكثرة تعجب الناظر إليها وتغرّه
ثم أمرنا بالتقوى لأنها السبب الذي ينير الله به
 قلبك ويجعل لك فرقانا بين الحق والباطل
والسبب الذي يزيدك إيمانا لتقاوم إغراء كثرة الخبيث وإعجاب النفس به
والسبب الذي اشترطه الله ليتولى عباده بمعيته الخاصة بالمتقين قال تعالى :

(واعلموا أن الله مع المتقين)



هذا والله أعلم
فما كان من صواب فهو من الله وحده لا شريك له فضلا ورحمة
وما كان من خطأ فمن الشيطان أو نفسي
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات رب العالمين