(( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)) التوبة:100."أسئلة تتعلق بالآية أوجهها لكل مسلم"

(( ومن يشاقـق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) النساء:115.

>> قال الإمام أبو حنيفة : (ما بلغني عن صحابي أنه أفـتى به فـأقـلـده ولا أسـتجـيز خلافه)كتاب شرح أدب القاضي (1 / 185-187)
وكل أئمة الإسلام على هذا المنهج في اتباع الصحابة وهنا البيان فضلا إضغط هنا

الثلاثاء، 28 يونيو 2016

هدي الصحابة في كلامهم

قال تعالى
(لا خير  في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)
وقوله
(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون)

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة(159-235هـ) * رحمه الله في مصنفه:

حدثنا يعلى بن عبيد قال دخلنا على محمد بن سوقة فقال
أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فإنه قد نفعني، قال لنا عطاء بن أبي رباح(1)
(يا ابن أخي إن من كان قبلكم –أي الصحابة- يكره فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن تقرأه، أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر وأن تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون 
(أن عليكم حافظين كراما كاتبين)
وأن
(عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
أما يستحي أحدكم لو نشر صحيفته التي أملى صدر نهاره، وأكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولادنياه) (2)

صحيح رجاله رجال الشيخين وأصحاب السنن الأربعة

ومن الجميل أن نذكر أن عطاء صاحب هذا الخبر عن الصحابة إذا قرأت في سيرته وجدت تأثره بهم في أخلاقهم، كيف لا وقد أدرك رحمه الله مائتي صحابي، فقد قال الإمام سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية (كان عطاء يطيل الصمت فإذا تكلم يخيل إلينا أنه مؤيد) أي بإلهام الله له.
وهكذا كل من أخذ العلم بالتلقي ومجالسة أئمة الإسلام يتأثر خلقه وقلبه فتراه ينمو في العلم والعمل وهذا الذي أجمع السلف أنه فقيه كما نقل ابن القيم بمفتاح دار السعادة، بعكس من كان علمه من الجامعات والقراءة فهذه الطريقة لا تخرج ما تخرجه المدرسة الأولى والتي منها أئمة الإسلام الذين يرجع لهم بالفتوى في حوادث العصر
ولهذا بين النبي منهج الـتـلـقـِّي فقال (تـسمعون ويُسمع منكم ويُسمع ممّن سمع منكم)
ولا تزال هذه الشجرة تُخرج نباتها متصلا من زمن النبي عليه الصلاة والسلام يأخذ بعضهم من بعض بالمجالسة والتلقي فكيف ينمو مثلها من أراد أن يكون منبترا عن هذه الشجرة التي بين الله وصفها فقال (ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار) فالزرع هو النبي يخرج شطأه من الصحابة ويمدهم حتى كل صحابي يصبح كزرع يخرج شطأه ويمدون من اتصل بهم في التلقي بماء الوحي ونوره وهكذا تمتد هذه الشجرة إلى زماننا.

وهديهم وسمتهم واحد حتى في أشد الأوقات وهو زمن الفتن لو نظرت في كلام  الصحابة رضي الله عنهم في كل الفتن التي حصلت في زمانهم وما نصحوا به الناس وجمعته لكان في ورقات معدودات ولن تجد  المتكلم منهم إلا من كبارهم فعامتهم سكت وتركوا الكلام لكبارهم وأئمتهم ومن تكلم كلامه قليل ليس بآرائه ولكن ينصح بما تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم وسوف نجمعه لكم بإذن الله هنا.

وهكذا الأئمة الذين اتصلوا بهذه الشجرة هذه صفتهم وكثير ممن انبتر عن هذه الشجرة ونمى نموا غير متصل بها  ستجده في سمته وهديه ودلّه خلاف ما كانوا خاصة زمن الفتن.

فقد سأل التابعين حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، عن رجل قريب السمت والهدي بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤخذ عنه دينهم فقال (ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلاّ من النبي من ابن مسعود) أخرجه البخاري
فانظر كيف يبحثون عن صفات من يأخذون دينهم عنه مع أنهم كلهم صحابة، وانظر إلى إقرار حذيفة لهم في بحثهم وتحريهم.
عن ابن أبي ليلى قال
(أدركت 120 من الأنصار رضي الله عنهم ما منهم أحد يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه ولا يسأل عن فتيا إلا ود أن أخاه كفاه) هذا في عموم أحوالهم فما بالك في شدة حاجة الناس كزمن الفتن والهرج التي يزداد في القتل.


هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين

_________________________________

* هوالإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن إبراهيم الواسطي الكوفي ويقال عبسي ونسبته لهم نسبة ولاء، وهو شيخ البخاري ومسلم فهو أحد أربعة ينتهي إليهم علم الحديث في عصرهم. روى عن جمع من أئمة الإسلام كسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك ووكيع وخلق كثير غيرهم، قال عنه الحافظ ابن كثير(ت774هـ) رحمه الله :(أحد الأعلام وأئمة الإسلام وصاحب المصنف الذي لم يصنف أحد مثله قط لا قبله ولا بعده) ومصنفه هذا من أغنى الكتب بفتاوى الصحابة والسلف ودررهم وفتاويهم وهديهم.

   (1) التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح القرشي الفهري أبو محمد المكي ت114هـ من أئمة التابعين ثقة فقيه فاضل أحد الأعلام وأئمة الأمصار في زمانه الذين يرجع لهم في الفتوى وحوادث عصره وهم أربعة هو بمكة والحسن بالبصرة وإبراهيم بالكوفة وابن المسيب بالمدينة وقد أخذ عن مائـتـيـن من الصحابة رضي الله عنهم وكان ابن عمر وابن عباس يحثون الناس أن يأخذوا عنه دينهم .


    (2)  أخرجه أيضا ابن أبي الدنيا فضل الصمت